banner-a-omnidal    125%25C3%2597125    domain-312f23809a    125    soady.org    %25D8%25A8%25D9%2586%25D8%25B11    bowbaa    ertqa    knoon    ideas4life    nawwar    banner125125

0 الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) ـ الجزء الأول

 
الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) ـ الجزء الأول
 

مقدمة :

إنَّ التاريخ الثري للتشيع ـ وهو تاريخ الإسلام الحقيقي المليء بالأحداث ـ يبين في كل صفحة من صفحاته صورة صادقة لإنسان كان يمثل في زمانه سفينة النجاة في مجتمعه ومشعل الطريق للضالين والتائهين.
وقد تجلى الإسلام الأصيل الخالي من أي انحراف في واحد من هؤلاء الرجال العظام. وقد أطلّت الشجرة الباسقة لعلمهم وفضيلتهم التابعين الذين كانوا متفانين في حب الحقيقة وباحثين عن الإسلام الذي يريده الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل أن تتسلل إليه الشوائب على أيدي الطغاة والظالمين.
وقد تألّق الحب والاتباع في سماء الإسلام الشيعي بجماعة عظيمة تبدأ بنجوم أمثال سلمان و أبي ذر وتنتهي إلى رجال أحرار أمثال الميرزا الشيرازي والإمام الخميني، ومن الذي لا يعلم أن زلال العقيدة والعمل في هذه المنابع الصافية يمثل أمواجا من بحر الوحي والنبوة، أشجار مغروسة في حديقة العصمة والإمامة؟
هؤلاء هم الذين يحرسون بدمائهم إمامة أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) التي تعتبر امتداداً حقيقيا للرسالة الإلهية، وهم الذين يحملون على عواتقهم مشعل القرآن والتوحيد، ويعدّ هذا أهم عامل لإنقاذ الإسلام وحمايته من أن تمتدّ إليه أيدي المزورين في التاريخ. ولا يستطيع أحد ـ إلا أن يكون أعمى أو ينكر البصر في وجوده ـ أن يغض الطرف عن هذه الحقيقة المشرقة على الجبين الجريح للإسلام المحمدي (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث انهالت صخور أعداء الإسلام وقادة الكفر الجاهلي من كل حدب وصوب تستهدف الإسلام وصدور أئمة الشيعة ورؤوس اتباعهم المخلصين …
اجل إنّ القامة الرشيقة لقادتنا الأقوياء كانت الدرع الحصين الذي تحطمت عليه كل صخور البلاء حتى يبقى الإسلام مصوناً منها، وحتى يستطيع السالكون في جميع الوديان البعيدة والقرون المتطاولة الوصول إلى المنبع الصافي للإسلام الواقعي من دون ان تكدّره شوائب الكفر والظلم، وقد لاحظنا ان هؤلاء الصالحين قد وجدوا طريقهم إلى ذلك المنبع الطهر، ومع ان الأعداء لم يدخروا جهداً ولم يعفوا عن جريمة الا ان ذلك المنبع الواضح لم يعله الغبار ولم تعطه الشوائب بالنسبة لأصحاب القلوب البصيرة …
وموضوع دراستنا هو سادس نجم يتألق في سماء الإمامة، وقد اصبح من أروع حلقات هذه السلسلة حسب مقتضيات زمانه وموقعه الاجتماعي، فأحيا العلوم الإسلامية وكان قد سبق ذلك تألق الشرف والشجاعة الحسينيين الذين قد غسلا الإسلام وعمداه مما لحق به من شوائب بالدماء الطاهرة الزكية.
فمذهبنا هو المذهب الجعفري، ونحن نفتخر بهذا الانتساب، لأنه إذا كان الإسلام هو إسلام محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فان دعوته لابد ان نجدها في دم الحسين (عليه السلام) وبيانه في تعليم الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) وان كان الإسلام  هو إسلام حكام الزور والتآمر على أهل بيت الرسالة فنحن نتباهى بالبعد عن هذا الإسلام.
إن لمولانا صادق آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) حقّاً على إيماننا وعقيدتنا هو نفس ذلل الحق الثابت لجهاد علي (عليه السلام) ولصلح الحسين (عليه السلام) ولدم الحسين (عليه السلام) ولدموع الزهراء وزينب (عليهما السلام) فإذا كان الإسلام هو ذلك الذي بكت عليه الزهراء فلابد إذن ان يكون مذهبنا جعفريا، وان كان الإسلام هو ما اجلس على الكرسي المغصوب، وقد نظرت إليه الزهراء عليها السلام بعين الغضب فإننا نعلنها صريحة أننا لسنا متمسكين بهذا الإسلام، ونشهد الله أننا لن نخضع لمثل هذا الإسلام! لأنَّه الإسلام الذي ابتعد عنه أهل بيت النبي، وتجلى في كراسي الغاصبين وبلاط الخلفاء، وأولياء أمره أمثال معاوية ويزيد وهارون والمتوكل، ومثل هذا الإسلام ليس هو إسلام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) وبالتالي فانه لن يكون إسلامنا أيضاً … ان الإمام الكريم جعفر بن محمد (عليه السلام) قد شيّد نهضة علمية وقام بنشر معارف الإسلام بحيث ضيّع الفرصة على بلاط الخلفاء حيث كانوا يتآمرون للحيلولة دون أنوار المعرفة، وبناءً على ذلك نلاحظ انه في الجيل اللاحق وحينما ورد الإمام الثامن علي بن موسى الرضا عليهما السلام إلى نيشابور فان آلاف المحبين قد استقبلوه وكل وجودهم آذان صاغية تحب ان تسمع كلام إمام الإسلام. وإذا قارنّا هذا النجاح بذلك الزمان الذي دخل فيه الإمام زين العابدين (عليه السلام) مع أسرى أهل بيت النبوة إلى الشام وكان أهل الشام يذيعون بين الناس ان هؤلاء خوارج ثائرون ضد الإسلام! وأخذنا أيضاً بعين الاعتبار البعد المكاني بين نيشابور ودمشق، لوجدنا المدى الذي تقدمت فيه النهضة العلمية للإمام الصادق (عليه السلام) وبعد آثارها.
وقد كانت المائدة التي هيأها الإمام عامّة وشاملة بحيث لم تقتصر على اتباعه وإنما امتدت لتشمل أعداءه ومخالفيه، والكل يعلم ان الإمام الأول للفقه السني وهو ( أبو حنيفة) يفتخر بأنَّه قد تتلمذ في مدرسة الإمام الصادق (عليه السلام) لمدة سنتين، يعدهما أساس وعيه الفقهي وذلك من خلال قوله:
( لولا السنتان لهلك النعمان) ( التحفة الاثنى عشرية ص8 نقلا عن كتاب الإمام الصادق ج1 ص70 والنعمان هو اسم أبي حنيفة).
وقد تربى في مدرسة الإمام الصادق (عليه السلام) رجال مشاهير يحتلون الدرجات العليا في العلوم المختلفة وكل واحد منهم يشكل صفحة مضيئة في تاريخ المعارف الإسلامية، ومن جملتهم زرارة ومحمد بن مسلم في الفقه، وهشام ومؤمن الطاق في الفلسفة والكلام، والمفضل وصفوان في المعارف والعرفان، وجابر بن حيان في الرياضيات والعلوم التجريبية، وكثير غيرهم يعدون من مفاخر ومؤسسي العلوم والفنون الإسلامية المتنوعة.
وقد كان سيل العلوم الإلهية على يد الإمام الصادق (عليه السلام) جاذبا للانتباه بحيث اجتذب اهتمام العلماء الأوربيين بعد مرور ثلاثة عشر قرنا من بدئه لكي يتعمقوا في دوره العلمي، وقد خصصوا كتبا للحديث عن ذلك، ويعد هذا جانبا من فضائل الإمام، لان أي عاقل لا يستطيع ان يدعي انه بمدح اشعاع من أشعة الشمس قد مدح الشمس ووصفها، فمادح الشمس مداح لنفسه، لأنَّه يعلن ان عينيه تتمتعان بالرؤية السليمة وليستا مصابتين بالرمد.
وفي هذه الكراسة التي هي بين أيديكم لم نحاول ان نستقصي جميع ابعاد حياة الإمام الصادق المباركة كما ينبغي، لان مثل هذه المهمة خارجة عن قدرتنا، وإنَّما حاولنا فيها تصوير بعض النقاط المشرقة في حياة ذلك الإمام العظيم، ومع كل ما فيها من ألوان القصور فاننا نأمل ان تكون جذابة ومفيدة للاخوة المسلمين والأخوات المسلمات .

 نظرة سريعة لشخصية الإمام السادس (عليه السلام) :

اسمه الكريم ( جعفر )، وكنيته ( أبو عبد الله)، ولقبه ( الصادق)، ووالده الإمام محمد باقر (عليه السلام) وهو الإمام الخامس للشيعة.
ولد في المدينة في اليوم السابع عشر من ربيع الأول عام ثلاث وثمانين للهجرة، ( أعلام الورى ص 266). وأُمه السيدة الجليلة ( أُم فروه)، وقد قال الإمام نفسه في حق والدته:
( لقد كانت أمي من النساء المتقيات المؤمنات المحسنات) ( الكافي ج1 ص472).
عاش في الدنيا خمساً وستين سنة، وامتدت فترة إمامته أربعاً وثلاثين سنة، منذ مائة وأربعة عشر هجري وحتى مائة وثمانية وأربعين. وتعاقب على الخلافة في زمانه:
( هشام بن عبد الملك) و ( الوليد بن يزيد بن عبد الملك) و ( يزيد بن الوليد) و ( إبراهيم بن الوليد) و ( مروان الحمار) من بني أُمية، و( السفاح) و( المنصور الدوانيقي) من بني العباس ( أعلام الورى ص 266 وقد وصل هشام إلى الخلافة عام 105 ومات المنصور الدوانيقي عام 158 انظر كتاب تتمة المنتهى للمحدث القمي).
وأما أبناؤه فهم: الإمام الكاظم (عليه السلام) و( عبد الله) و( محمد ديباج) و ( اسحاق) و ( علي العريضي ) و( العباس) و( أم فروه) و( أسماء) و( فاطمة) ، فكانوا سبعة أولاد وثلاث بنات ( الإرشاد للمفيد ص266 والمناقب ج4 ص280).

 أخلاق الإمام

لقد كان أئمتنا الطاهرون ـ كل واحد في زمانه ـ يمثلون النموذج الأرفع للأخلاق والعمل الإسلاميين، وكما كانوا هم يوصون اتباعهم: ( كونوا دعاة الناس بغير ألسنتكم).
أي لتكن دعوتكم للإسلام بسلوككم وأعمالكم، فان جميع أحداث حياتهم عليهم السلام كانت دروساً واضحة للأساليب الإسلامية الأصيلة في جميع أبعاد بمعروف الا وكانوا مقيدين بالعمل به قبل الآخرين واشد منهم، ولم ينهوا عن منكر الا وكانوا متجنبين عنه دائماً. وهكذا كان اتباع مدرستهم يتعلمون دروس الإيمان والعلم من جميع جوانب حياة أئمتهم، وباقتفائهم أثرهم عليهم السلام يصبحون مسلمين صادقين ونماذج وقدوة للآخرين في كل عصر ومصر.

ونذكر الآن مقتطفات من أخلاق الإمام وسلوكه:

 الإمام يعمل:

1ـ يقول عبد الأعلى:
في يوم من أيام الصيف شاهدت الإمام الصادق (عليه السلام) في طريق من طرق المدينة وهو ذاهب ليعمل فقلت له: فديتك كيف تكلف نفسك هذه المشقة في مثل هذا الجو الساخن مع مالك من منزلة قريبة من الله ومع قرابتك للنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) ؟ فقال الإمام:
(خرجت لكسب الرزق حتى استغني عن أمثالك) ( الكافي ج5 ص74 ج47 ص55).
2ـ يقول أبو عمرو الشيباني: شاهدت الإمام الصادق (عليه السلام) مرتدياً ثوباً خشناً وبيده مسحاة يعمل بها في الحقل والعرق ويتصبب منه.
فقلت له: فديتك ناولني المسحاة واسمح لي ان اعمل مكانك.
فقال: (احب ان يتأذّى الرجل بحرّ الشمس في طاب المعيشة) ( الكافي ج5 ص76 البحار ج47 ص55).

 التجارة بربح عادل:

3 ـ أرسل الإمام الصادق (عليه السلام) أحد أصحابه وهو يسمى بـ ( مصادف) إلى مصر للتجارة وأعطاه ألف دينار. فاشترى مصادف سلعاً بتلك الأموال وذهب إلى مصر برفقة تجار آخرين، ولما اقتربوا من مقصدهم التقوا بقافلة عائدة من مصر، فسألوهم عن وضعية السلع التي يحملونها وهي تتعلق بالاحتياجات العامة للناس، فأخبروهم ان بضائعكم نادرة في سوق مصر.
ولمّا علم مصادف وسائر التجار الذاهبون إلى مصر بحاجة أهلها إلى بضائعهم اتفقوا على ان لا يبيعوها بأقل من ربح يعادل مائة في المائة، وقد نفذّوا فعلا ما اتفقوا عليه، ونتيجة لذلك فقد ربح مصادف ألف دينار.
وبعد انتهاء مهمتهم عادوا إلى المدينة فجاء مصادف إلى الإمام الصادق وسلمه كيسين في كل واحد منهما ألف دينار قائلا له ان في أحدهما رأس المال الذي أعطيتني إياه، وفي الآخر ربح التجارة.
فسأله الإمام: (انه لربح كبير، فكيف أمكنك الحصول عليه؟)
فبيّن له مصادف ان البضاعة التي كانوا يحملونها نادرة في مصر وشرح له كيفية اتفاق التجار على ثمن البيع.
فقال له الإمام: ( سبحان الله أتتعاهدون بضرر جماعة من المسلمين حيث لا تبيعون بضاعتكم بأقل من ربح يعادل مائة في المائة؟) عندئذ أخذ أحد الكيسين بعنوان انه رأس المال ورفض الآخر قائلا له:
(لا حاجة لي بهذا الربح ـ الذي جاء عن طريق لا إنصاف فيه ـ يا مصادف مجالدة السيوف أهون من طلب الحلال) ( الكافي ج5 ص161 البحار ج47 ص59) أي ان تحصيل المال عن طريق حلال صعب جداً.

 ميزانية لحلّ الاختلافات:

4ـ اختلف شخص مع أقربائه على ميراث، وانتهى أمرهم إلى الجدال والعراك، فمرَّ بهم المفضل ـ وهو أحد أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) ـ والتفت إلى ما يجري بينهم من نزاع فدعاهم إلى بيته وأقّر بينهم الصلح بأربعمائة درهم، ثم دفع الدراهم وأنهى الاختلاف، وقال لهم المفضل: ان هذه الأموال التي دفعتها في سبيل حلّ النزاع الواقع بينكم إنما هي أموال الإمام الصادق (عليه السلام) حيث أمرني بصرف أمواله لإيجاد الصلح بين شخصين من الشيعة يحدث بينهما صراع ونزاع ( الكافي ج2 ص209).

 الإمام ومائدة الخمر:

5 ـ يقول هارون ابن جهم: كنّا في الحيرة ( وهي مدينة تقع قرب الكوفة وقد نفى المنصور الدوانيقي الإمام الصادق إليها وفرض عليه الاقامة الجبرية فيها) وفي إحدى المناسبات دعا أحد ضباط الجيش مجموعة من الناس ومن جملتهم الإمام الصادق (عليه السلام) إلى منزله، وبينما كنّا جلوساً حول المائدة طلب أحد المدعوين ماء فجيء له بقدح من الخمر بدلاً عنه، فنهض الإمام من على المائدة وغادر معترضاً وهو يقول: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : انه بعيد عن رحمة الله وملعون من جلس حول مائدة يتناول فيها الخمر) ( الكافي ج6 ص268 البحار ج47 ص39).

 منع شارب الخمر:

6 ـ أمر المنصور بفتح صندوق بيت المال وإعطاء كل أحد شيئا منه. ومن جملة الأشخاص الذين جاءوا لاستلام سهم من بيت المال شخص يسمى بـ ( الشقراني)، ولكنه لما لم يكن أحد يعرفه لهذا لم يجد وسيلة لكي ينال سهماً منه. وكان الشقراني ينتسب إلى جد كان عبداً فحرره رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد ورث عنه الشقراني هذه الحرية ولهذا كان يطلق عليه انه (مولى رسول الله)، ويعد هذا مفخرة للشقراني، ومن هنا فهو يعتبر من المنتسبين إلى أهل بيت الرسالة

0 التعليقات:

إظهار التعليقات
:))Blogger ;)) ;;) :DBlogger ;) :p :(( :) :(Smiley =(( =)) :-* :x b-(:-t8-}

إرسال تعليق

من من حكم الأمام أمير المؤمنين..~~
 
من طيب قول الحبيب ..~

You can also receive Free Email Updates:

شاركنا خبرتك ...رايك يهمنا قم بالضغط على share بجانب كل موضوع لأثراء المدونة