banner-a-omnidal    125%25C3%2597125    domain-312f23809a    125    soady.org    %25D8%25A8%25D9%2586%25D8%25B11    bowbaa    ertqa    knoon    ideas4life    nawwar    banner125125

0 القرآن الكريم


(( القرآن الكريم ))
*********
*
*
*
موقع السادة لقرآءة القرآن الكريم مباشرة وبصورة جميلة
الصفحة الرئيسية بلونها الأخاذ...سيظهر مع رابط الموقع
*************

*************
نحرك علامة اليد على الغلاف لتقليب الصفحات (كما لو أن القرآن الكريم بيدك)
*************

*************
لاحظ السورة الأولى سورة (فاتحة الكتاب المباركة)
*************
/0512/30-05-2012_11-22-58_.jpg [free hosting by imagilive.com]

*************
وهذا شريط الأدواة للتنقل بالصفحات وأختيار السور كذلك ...وبالجانب الأيسر تكبير وطباعة السورة أيضا...
/0512/30-05-2012_11-23-21_.jpg [free hosting by imagilive.com]


والآن أترككم مع رابط الموقع
******************
أضغط هنا
*************
© 2012 شبكة السادة المباركة- جُندُ المرجعية
جميع الحقوق محفوظة ولا يجوز نقل المحتوى دون ذكر المصدر شبكة السادة المباركة
الموقع لا يحل النقل دون ذكر المصدر أعلاه....أرجو الأنتباه لذلك



0 الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) ـ الجزء الثاني

 
الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) ـ الجزء الثاني

فقال : إنه شيء عرض بقلبي فأوردته عليك، فقال: كلاّ ما مثلك من اهتدي إلى هذا ولا من بلغ هذه المنزلة فعرفني من اين لك هذا؟ فقال : امرني به ابومحمد فقال : الآن جئت به وما كان ليخرج هذا الا من ذلك البيت، ثم انه دعا بالنار وأحرق جميع ما كان ألفه ( المناقب لابن شهر آشوب،ج3،ص 525).

 معاجزه (عليه السلام):  

1 ـ يقول أبو هاشم الجعفري:
دخلت على أبي محمد العسكري (عليه السلام) يوماً وأنا أريد أن أسأله ما أصوغ به خاتماً أتبرك به فجلست وانسيت ما جئت له، فلمّا ودعّت ونهضت رمى اليّ بالخاتم فقال: (أردت فضّة فأعطيناك خاتماً، ربحت الفصّ والكرا، هنّاك الله يا أبا هاشم) ، فقلت: يا سيدي اشهد انّك وليّ الله وإمامي الذي ادين الله بطاعته، فقال: غفر الله لك يا اباهاشم ( اصول الكافي، ج1 زص  512 ).
2 ـ يقول أبو هاشم داوود بن القاسم:
كنت في الحبس المعروف بحبس صالح بن وصيف الأحمر، انا والحسن بن محمد العقيقي ومحمد بن ابراهيم العمري وفلان وفلان، اذ ورد علينا أبو محمد الحسن (عليه السلام) واخوه جعفر، فخففنا إلى خدمته وكان المتولي لحبسه صالح بن وصيف، وكان معنا في الحبس رجل جميحى يقول: انه علوي. قال: فالتفت أبو محمد (عليه السلام) فقال: (لولا أن فيكم من ليس منكم لأعلمتكم متى يفرج عنكم) ، وأومأ إلى الجميحى ان يخرج فخرج، فقال أبو محمد (عليه السلام) : (هذا الرجل ليس منكم فاحذروه فانّ في ثيابه قصة قد كتبها إلى السلطان يخبره بما تقولون فيه) ، فقام بعضهم ففتش ثيابه فوجد فيها القصة يذكرنا فيها بكلّ عظيمة … ( اعلام الورى، ص 373 ـ نور الابصار، طبعة القاهرة، ص 183 ـ الفصول المهمة لابن صباغ المالكي، ص 286، مع بعض الاختلاف).
3 ـ ويقول محمد بن الربيع الشيباني:
ناظرت رجلاً من الثنوية ( الذين يؤمنون بالهين ) بالأهواز ثم قدمت سرّ من رأى وقد علق بقلبي شئ من مقالته، فانّي لجالس على باب احمد بن الخضيب اذ أقبل أبو محمد من دار العامة يوم الموكب فنظر اليّ واشار بسبّابته: (أحد أحد فوَّحِدْه) ، فسقطت مغشيّاً عليّ ( كشف الغمة في معرفة الائمة، ج3، ص 305 ).
4 ـ يقول محمد بن عيّاش :
تذاكرنا آيات الإمام "معاجز الإمام" العسكري (عليه السلام) ، فقال ناصبي : ان اجاب عن كتاب بلامداد ( أي حبر) علمت انه حق، فكتبنا مسائل وكتب الرجل بلامداد على ورق وجعل في الكتب وبعثنا إليه، فأجاب عن مسائلنا، وكتب على ورقه ( ورقة الناصبي) اسمه واسم ابويه، فدهش الرجل فلما افاق اعتقد الحق ( المناقب، طبعة النجف،ج3،ص538).
5 ـ ويقول عمر بن أبي مسلم :
كان سميع المسمعي يؤذيني كثيراً ويبلغني عنه ما اكره، وكان ملاصقاً لداري، فكتبت إلى أبي محمد العسكري (عليه السلام) أسأله الدعاء بالفرج منه، فرجع الجواب: (ابشر بالفرج سريعاً وأنت مالك داره) ، فمات بعد شهر واشتريت داره فوصلتها بداري ببركته ( كشف الغمة، ج3، ص 302).
6 ـ يقول أبو حمزة نصير الخادم:
سمعت أبامحمد (عليه السلام) غير مرّة يكلم غلمانه بلغاتهم وفيهم ترك وروم وصقالبة، فتعجبت من ذلك  وقلت هذا ولد بالمدينة ولم يظهر لأحد حتى مضى أبو الحسن (عليه السلام) لا رأه احد فكيف هذا احدث نفسي بذلك، فأقبل عليّ فقال: (إنَّ الله عزوجل أبان حجته من ساير خلقه واعطاه معرفة كل شيء فهو يعرف اللغات والانساب والحوادث، ولولا ذلك لم يكن بين الحجة والمحجوج فرق) ( الارشاد للمفيد، ص 322 ).
7ـ يقول محمد بن علي بن ابراهيم بن موسى بن جعفر:
ضاق بنا الامر فقال لي ابي: امض بنا حتى نصير إلى هذا الرجل يعني أبا محمد العسكري فانه قد وصف عنه سماحة، فقلت: تعرفه؟ قال: ما اعرفه ولا رأيته قط، قال: فقصدناه فقال لي أبي وهو في طريقة: ما احوجنا إلى ان يأمر لنا بخمسمائة درهم مائتا درهم للكسوة ومائتا درهم للدين ومائة للنفقة، فقلت في نفسي: ليته امر لي بثلاثمائة درهم مائة اشتري بها حماراً ومائة للنفقة ومائة للكسوة واخرج إلى الجبل ( وهو قسم من جبال غرب ايران إلى همدان وقزوين )، قال: فلما وافينا الباب خرج الينا غلامه فقال: يدخل علي بن ابراهيم ومحمد ابنه، فلما دخلنا عليه وسلمنا، قال: لأبي: (يا علي ما خلفك عنا إلى هذا الوقت؟) ، فقال يا سيدي استحييت ان القاك على هذه الحال، فلما خرجنا من عنده جاءنا غلامه فناول أبي صرة فقال: هذه خمسمائة درهم مائتان للكسوة ومائتان للدين ومائة للنفقة، واعطاني صرة فقال: هذه ثلاثمائه درهم اجعل مائة في ثمن حمار ومائة للكسوة ومائة للنفقة ولا تخرج إلى الجبل وصر إلى سوراء ( وهو مكان في العراق) ( اصول الكافي، طبعة الاخوندي،ج1 ص506).


 بعض كلماته المختارة  

1 ـ (عليك بالاقتصاد واياك والاسراف) ( احقاق الحق،ج12،ص467).
2 ـ وقع لبهلول معه ( أي مع الحسن بن علي عليهما السلام ) انه رأه وهو صبي يبكي والصبيان يلعبون، فظن انه يتحسر على ما في ايديهم، فقال: اشتري لك ما تلعب به؟ فقال (عليه السلام) :
(يا قليل العقل ما للعب خلقنا) ، فقال له: فلماذا خلقنا؟ قال (عليه السلام) : (للعلم والعبادة) ، فقال له: من اين لك ذلك؟ قال: (من قول الله عزوجل ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون) ( احقاق الحق ،ج12،ص 473).
3 ـ (لا تمار فيذهب بهاؤك ولا تمازح فيجترى عليك).
4 ـ (من التواضع السلام على كل من تمر به والجلوس دون شرف المجلس).
5 ـ (اذا نشطت القلوب فأودعوها واذا نفرت فودّعوها).
6 ـ (ليس من الادب اظهار الفرح عند المحزون).
7 ـ (التواضع نعمة لا يحسد عليها).
8 ـ (من وعظ أخاه سرّاً فقد زانه ومن وعظه علانية فقد شانه).
( 3، 4، 5، 6، 7، 8  ـ الانوار البهية، طبعة مشهد، ص160ـ161 ).
9 ـ (كفاك أدبا لنفسك تجنتك ما تكره من غيرك).
10 ـ (حسن الصورة جمال ظاهر وحسن العقل جمال الباطن).
11 ـ (ان الوصول إلى الله عزوج سفر لا يدرك إلاّ بامتطاء الليل).
12 ـ (جعلت الخبائث في بيت والكذب مفاتيحها).
13 ـ (ان للجود مقداراً فاذا زاد عليه فهو سرف).
14 ـ (وان للحزم مقداراً فاذا زاد عليه فهو جبن).
( 9،10،11،12،13،14، الانوار البهية، طبعة مشهد ص 160ـ 161).
 

 شهادته(عليه السلام):

كان خلفاء بني العباس وعمال حكومتهم قد سمعوا ان عدد أئمة اهل البيت عليهم السلام هو اثنا عشر إماماً وانّ الثاني عشر منهم سوف يظهر بعد غيبته ويطوي سجلّ الظالمين ويقضي على حكومات الباطل ويملأ العالم بالقسط والعدل ، والعلم بهذا الموضوع ولا سيّما في هذه الآواخر ( زمان الإمام الهادي والإمام العسكري) كان يؤدي إلى اضطراب الخلفاء، ولهذا كانوا يراقبون الإمام العسكري بشدة، ويحبون كثيراً ان يولد للإمام مولود، وجميع شؤون الإمام كانت مراقبة بطرق مختلفة، وحتى انهم سجنوا الإمام عدّة مرّات، واخيراً لمّا رأى المعتمد العباسي ان اهتمام الناس واقبالهم على الإمام يزداد يوماً بعد يوم وان السجن والاضطهاد والرقابة قد أدّت إلى تأثير معكوس فهو لم يتحمل ذلك واتخذ قراراً بقتله فدسّ السّم إلى الإمام خفية
واستشهد صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين في يوم الجمعة المصادف للثامن من ربيع الاول سنة 260 هجرية.
ومدى نفوذ الإمام في المجتمع والخوف من تمرّد الشيعة والعلويين قد اشاع الاضطراب في قلب المعتمد العباسي من احتمال انكشاف قضية دسّ السّم للإمام، ومن هنا فانّه كان يحاول اخفاء هذه الجريمة بأية طريقة، ينقل ابن صباغ المالكي في كتابه ( الفصول المهمة ) عن عبد الله بن خاقان، وهو احد اعضاء البلاط العباسي، قوله:
لقد ورد على الخليفة المعتمد على الله احمد بن المتوكل في وقت وفاة أبي محمد الحسن بن عليّ العسكري ما تعجبنا منه ولاظننا انّ مثله يكون من مثله، وذلك انّه لما اعتلّ ابومحمد ركب خمسة من دار الخليفة من خدّامه وثقاته وخاصّته، كلّ منهم نحرير فقه وامرهم بلزوم دار أبي الحسن وتعرف خبره ومشاركته له بحاله وجميع ما يحدث له في مرضه، وبعث إليه من خدام المتطببين وامرهم بالاختلاف إليه وتعهده صباحاً ومساءً فلما كان بعد ذلك بيومين او ثلاثاً اخبروا الخليفة بانّ قوّته قد سقطت وحركته قد ضعفت وبعيد ان يجي منه شئ فأمر المتطببين بملازمته وبعث الخليفة إلى القاضي بن بختيار ان يختار عشرة ممن يثق بهم وبدينهم وامانتهم يأمرهم إلى دار أبي محمد الحسن وبملازمته ليلاً ونهاراً فلم يزالوا هناك إلى ان توفي بعد ايام قلايل، ولما رفع خبر وفاته ارتجت سرّ من رأى وقامت ضجّة واحدة وعطلت الأسواق وغلقت ابواب الدكاكين وركب بنو هاشم والكّتاب والقواّد والقضاة والمعدلون وساير الناس إلى ان حضروا إلى جنازته، فكانت سرّ من رأى في ذلك شبيها بالقيامة، فلما فرغوا من تجهيزه بعث الخليفة إلى عيسى بن المتوكل اخيه بالصلاة عليه، فلما وضعت الجنازة للصلاة دنى عيسى منه وكشف عن وجهه وعرضه على بني هاشم من العلوية والعباسية وعلى القضاة والكتاّب والمعدلين فقال:هذا ابومحمد العسكري مات حتف انفه على فراشه وحضره من خدّام امير المؤمنين فلان وفلان ثم غطّى وجهه وصلّى عليه وأمر بحمله ودفنه، وكانت وفاة أبي محمد الحسن بن علي بسرّ من رأى في يوم الجمعة لثمان خلون من شهر ربيع الاول سنة ستين ومائتين للهجرة، ودفن في البيت الذي دفن فيه ابوه بدارهما من سرّ من رأى وله يومئذ من العمر ثمان وعشرون سنة ( الفصول المهمة طبعة النجف، ص288).
وبعد شهادة الإمام العسكري (عليه السلام) أقدم ـ في الظاهر ـ المعتمد العباسي على تقسيم ميراث الإمام بين امّ الإمام واخيه جعفر ليوحي للناس انّ الإمام العسكري لم يخلف وراءه ولداً حتى ييأس الشيعة من وجود الإمام اللاحق، وامّا في الباطن فقد وظف جواسيسه ليبحثوا ويدققوا واذا ظفروا بولد له فليلقوا القبض عليه، وراح موظفوا الخليفة يسلطون الضغوط الشديدة على اقارب الإمام ولكنهم فشلوا في الظفر بالإمام القائم (عليه السلام) ، والله سبحانه وتعإلى قد حفظه وجعله في امان من كيد الظالمين، وعند وفاة الإمام العسكري (عليه السلام) ظهر الإمام القائم أيضاً في ساحة دار والده وقام بتنحية عمّه جعفر الذي كان يريد الصلاة على جثمان الإمام العسكري وأدّى و بنفسه الصلاة على جنازة والده الكريم ( كمال الدين، طبعة الاخوندي ص475 ).
 

فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد مسموماً ويوم يبعث حيا

0 الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) ـ الجزء الأول

 
الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) ـ الجزء الأول

ولادته:

ولد الإمام أبو محمد الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) ـ وهو الإمام الحادي عشر للمسلمين بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ  سنة (232) هجريّة قمريّة في مدينة ( سامرّاء )  

 أبواه :

 ووالده الكريم هو الإمام الهادي (عليه السلام) وأمّه الجليلة هي السيدة التقية الكريمة ( حديثة ) وتسمى ايضاً بـ ( سوسن ).

 ألقابه وكنيته :

وكان (عليه السلام) يسكن في مدينة سامراء في محلة تسمى بـ (العسكر)، ولهذا فقد اشتهر بـ ( العسكري)، وأشهر القابه الأخرى ( الزكي) و( النقي ) ، وكنيته ( ابو محمد).

 إمامته :

وقد بلغ عمره (22) عاماً حينما استشهد والده الإمام الهادي (عليه السلام) وامتدت فترة إمامته بعد والده ستّ سنوات، ومجموع عمره الشريف هو(28) عاماً، واستشهد سنة (260) هجرية، وله ولد واحد هو آخر إمام من الائمة الاثني عشر هو صاحب الزمان الحجة بن الحسن المهدي.

 أوصافه :

ويقول الذين شاهدوا الإمام العسكري (عليه السلام) أنه كان حنطي اللون كبير العينين حسن الصورة رشيق القد وبهيبة وجلال.
وقد عاصر (عليه السلام) خلال حياته خلافة ستة من الخلفاء العباسيين وهم: المتوكل والمنتصر والمستعين والمعتز والمهتدي والمعتمد، واخيراً استشهد في زمان المعتمد ( البحار، ج50، ص235،239وص 325).

 إمامته  (عليه السلام):

إنّ كل واحد من أئمتنا  بالإضافة إلى الروايات العامة التي ذكرت أسمائهم (عليهم السلام) هنالك روايات من الإمام تحدد الإمام الذي بعده لكي لا يشكك أحد في إمامته فكان الإمام يعلن للشيعة وللخواص من اصحابه اسم الإمام الذي يخلفه بصراحة تامة حتى يؤكد الموضوع ويرفع أي ابهام أو لبس. وبالنسبة للإمام العسكري (عليه السلام) فقد وردت روايات كثيرة تنص على إمامته نشير هنا إلى بعضها:
1 ـ يقول أبو هاشم الجعفري، وهو من اكبر رواة الشيعة الموثقين ومن أصحاب الائمة (عليهم السلام) المقربين:
سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول:
( الخلف من بعدي ابني الحسن … )  ( كمال الدين، تأليف الشيخ الصدوق ص 381).
2 ـ يقول الصقر بن أبي دلف :
سمعت الإمام الهادي (عليه السلام) يقول:
( ان الإمام بعدي الحسن ابني وبعد الحسن ابنه القائم الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً) ( كمال الدين، تأليف الشيخ الصدوق ص 383).
3 ـ يقول النوفلي :
كنت مع أبي الحسن الإمام الهادي (عليه السلام) في صحن داره فمّر بنا محمد ابنه، فقلت له جعلت فداك هذا صاحبنا ( إمامنا) بعدك؟ فقال: ( لا، صاحبكم من بعدي الحسن) ( الارشاد للمفيد، ص315).
4 ـ ويقول يحيى بن يسار القنبري:
(أوصى أبو الحسن الإمام الهادي (عليه السلام) إلى ابنه الحسن قبل مضي وفاته باربعة اشهر واشار إليه بالامر ( الإمامة والخلافة ) من بعده، واشهرني على ذلك وجماعة من الموالي) ( اعلام الورى، ص 370).
5 ـ ويقول ابوبكر الفهفكي :
 كتب اليّ أبو الحسن الإمام الهادي (عليه السلام):
(أبو محمد ابني الإمام العسكري (عليه السلام) اصح آل محمد غريزة واوثقهم حجة وهو الأكبر من ولدي وهو الخلف وإليه تنتهى عرى الإمامة واحكامنا، فما كنت سائلي عنه فاسأله عنه فعنده ما تحتاج إليه) ( الارشاد للمفيد، ص 317).

 الإمام وحكومة بني العباس:

لقد عاصر الإمام خلال فترة إمامته القصيرة ـ ست سنوات ـ حكومة ثلاثة خلفاء هم المعتز والمهتدي والمعتمد.

 عصر المعتز العباسي

حلّ المعتز العباسي  محلّ ابن عمّه المستعين، واستشهد الإمام الهادي (عليه السلام) أثناء حكم المعتز، واستشهد أو سُمّ مجموعة من العلويين أيضاً في ظلّ خلافة هذا الخليفة الظالم ، ( تتمة المنتهى ، ص252).
وكان المحبون للإمام العسكري (عليه السلام) يعيشون الضيق والعذاب في زمان هذا الخليفة المجرم، وبعضهم كتب رسالة إلى الإمام (عليه السلام) يشكو فيها من الاوضاع، فأجابهم الإمام: (بعد ثلاثة أيام يحصل الفرج والخلاص) ( البحار، ج50، ص251).
وقد تحقق ماتنبأ به الإمام حيث ثار الجنود الأتراك الموجودون في البلاط العباسي على المعتز لانهم رأوه لا يحقق لهم مصالحهم واضطروه إلى خلع نفسه من الخلافة ثم ألقوه في سرداب وأحكموا اغلاق بابه حتى هلك في داخله ( مروج الذهب، ج4 ص 91،95ـ تتمة المنتهى، ص 254).

عصر المهتدي العباسي

وبعد المعتز استلم المهتدي زمام الخلافة، وسار هذا الظالم سيرة النفاق، فكان يتظاهر بالزهد ويجتنب البذخ في الظاهر كما انه قام بنفي النساء المغنيات ومنع المنكرات الاخرى وتظاهر باعادة الحقوق العادلة للمظلومين، لكنه احتفظ بالإمام العسكري (عليه السلام) مدة من الزمن في السجن ، بل وحتى اتخذ قراراً بقتله إلاّ انّ الأجل لم يمهله فأهلكه الله تعإلى وأثناء خلافة المهتدي ثارت طائفة من العلويين سيق بعضهم  إلى السجن وهناك لفظوا آخر أنفاسهم.
يقول احمد بن محمد:
كتبت على أبي محمد الإمام العسكري (عليه السلام)، حين اخذ المهتدي في قتل الموالي: يا سيدي الحمد لله الذي شغله عنا، فقد بلغني انه يتهددك ويقول والله لأجلينهم عن جديد الارض، فوقّع ابومحمد (عليه السلام) بخطه: (ذلك أقصر لعمره، عدّ من يومك هذا خمسة ايام ويقتل في اليوم السادس بعد هوان واستخفاف يمر به ) ، فكان كما قال (عليه السلام) ( الارشاد للمفيد، ص324).
فقتل المهتدي في تمرد للاتراك من جيشه وحلّ محلّه المعتمد ( تتمة المنتهى، ص254 ،258).
وفي احدى المرات أُرسل الإمام إلى سجن صالح بن وصيف ، فقالوا له ضيق عليه ولا توسع، فقال لهم صالح: ما اصنع به وقد وكلت به رجلين شرّ من قدرت عليه فقد صارا من العبادة والصلاة والصيام إلى امر عظيم، ثم أمر باحضار الموكلين فقال لهما: ويحكما ما شأنكما في امر هذا الرجل؟
فقالا: ما نقول في رجل يصوم النهار ويقوم الليل كله لا يتكلم ولا يتشاغل بغير العبادة، فاذا نظر الينا ارتعدت فرائصنا وداخلنا ما لا نملكه من انفسنا (الارشاد للمفيد، ص 324 ـ مهج الدعوات، تأليف السيد بن طاووس، ص 274 ـ البحار، ج50، ص 330).
وفي مرة اخرى سلم أبو محمد (عليه السلام) إلى نحرير ( وهو سجّان آخر) وكان يضيق عليه ويؤذيه، فقالت له امرأته: اتق الله فانك لا تدري من في منزلك وذكرت له صلاحه وعبادته وقالت له اني اخاف عليك منه، فقال: والله لأرمينه بين السباع ثم استأذن في ذلك فأذن له فرمى به إليها ولم يشكوا في أكلها له، فنظروا إلى الموضع ليعرفوا الحال فوجدوه (عليه السلام) قائماً يصلي وهي حوله فأمر باخراجه إلى داره ( الارشاد للمفيد، ص324،325).

 عصر المعتمد العباسي

لم يكن للمعتمد ـ كسائر اسلافه ـ من مهمة سوى البذخ والاسراف والظلم وكان مفرطاً في اللهو واللعب بحيث تسلط تدريجاً أخوه الموفق على شؤون الدولة وأصبحت كل الامور بيده وصار المعتمد عاطلاً من الناحية العملية وهو خليفة بالاسم فحسب، وبعد موت الموفق سيطر ابنه المعتضد على شؤون عمه المعتمد، وأخيراً مات المعتمد عام (279)هجري واستلم الخلافة رسمياً من بعده المعتضد ( تتمة النتهى، ص268 ـ مروج الذهب،ج4 ص140ـ142).
وقد سجن الإمام العسكري (عليه السلام) مع اخيه جعفر في زمان المعتمد على يدي (علي جرين) وكان المعتمد يسأل عليا عن اخباره في كل وقت فيخبره انه يصوم النهار ويصلي الليل فسأله يوماً من الايام عن خبره فأخبره بمثل ذلك فقال له امض الساعة إليه واقرأه مني السلام وقل له انصرف إلى منزلك مصاحباً.  قال علي جرين: فجئت إلى باب الحبس فوجدت حماراً مسرجاً فدخلت عليه فوجدته جالساً وقد لبس خفه وطيلسانه وشاشه فلما رآني نهض فأديت إليه الرسالة فركب فلما استوى على الحمار وقف، فقلت له ما وقوفك يا سيدي؟ فقال لي: (حتى يجيء جعفر) ، فقلت: إنما أمرني بإطلاقك دونه، فقال لي: (ترجع إليه فتقول له خرجنا من دار واحدة جميعا فاذا رجعت وليس هو معي كان في ذلك مالاخفاء به عليك) فمضيت وعدت ، فقلت له: يقول لك، قد اطلقت جعفراً لك لاني حبسته بجنايته على نفسه وعليك وما يتكلم به، وخلى سبيله فصار معه إلى داره ( مهج الدعوات، للسيد بن طاووس،ص275).
وخلال حكم المعتمد استشهد الإمام العسكري (عليه السلام) ، وقتلت أيضاً مجموعة من العلويين وبعضهم تم قتله بأفجع صورة، وحتى بعد القتل فقد مثلوا بأجسادهم ( مقاتل الطالبيين ص685ـ 690).
وقال بعض المؤرخين انه قد جرت معارك وصراعات عديدة في حكومة المعتمد حتى ناهز عدد القتلى نصف مليون قتيل  ( مروج الذهب، ج2، ص120).

 زهده (عليه السلام):

يقول كامل بن ابراهيم المدني :
لما دخلت على سيدي أبي محمد العسكري (عليه السلام) نظرت إلى ثياب بياض ناعمة عليه، فقلت في نفسي: ولي الله وحجة يلبس الناعم من الثياب ويأمرنا نحن بمواساة الاخوان وينهانا عن لبس مثله؟ فقال متبسماً: (يا كامل ،وحسر ذراعيه فاذا مسح اسود خشن على جلده، فقال:هذا الله وهذا لكم) ( البحار ،ج50،ص 253).

 عبادته (عليه السلام): 

إنّ الإمام العسكري (عليه السلام) كآبائه الكرام كان أنموذجا في الاهتمام بعبادة الله ، فعندما يحين وقت الصلاة فان يعطّل كل عمل في يده ولا يقدّم على الصلاة شيئا، يقول أبو هاشم الجعفري:
دخلت على أبي محمد العسكري (عليه السلام) وكان يكتب كتأبا فحان وقت الصلاة الاولى فوضع الكتاب من يده وقام (عليه السلام) إلى الصلاة … ( البحار،ج50 ص 304 ).
ونفس كيفية عبادة الإمام كانت تحمل الاخرين على ذكر الله ، واحياناً كانت تغير وضع بعض الافراد المنحرفين وتدلهم على الطريق الصحيح.

 قصته مع الأساقفة

روى بعض علماء اهل السنة ومن جملتهم ابن الصباغ المالكي عن أبي هاشم الجعفري قوله:
لم تطل مدة أبي محمد الحسن العسكري في الحبس إلا ان قحط الناس بسر من رأي قحطاً شديداً فأمر المعتمد على الله ابن المتوكل الناس بالخروج إلى الاستسقاء فخرجوا ثلاثة ايام يستسقون ويدعون فلم يسقوا، فخرج الجاثليق ( كبير الاساقفة ) في اليوم الرابع إلى الصحراء وخرج معه النصاري والرهبان وكان فيهم راهب كلما مدّ يده إلى السماء ورفعها هطلت بالمطر، ثم خرجوا في اليوم الثاني وفعلوا كفعلهم أول يوم فهطلت السماء بالمطر وسقوا سقياً شديداً حتى استعفوا، فعجب الناس من ذلك وداخلهم الشك وصفا بعضهم إلى دين النصرانية فشق ذلك على الخليفة فانفذ إلى صالح بن وصيف ان اخرج أبا محمد الحسن بن علي من السجن وائتني به، فلما حضر أبو محمد الحسن عند الخليفة قال له: أدرك امّة محمد فيما لحق بعضهم في هذه النازلة فقال أبو محمد: (دعهم يخرجوا غداً اليوم الثالث) ، قال: قد استعفى الناس من المطر واستكفوا فما فائدة خروجهم؟ قال: (لأزيل الشك عن الناس وما وقعوا فيه من هذه الورطة التي افسدو فيها عقولاً ضعيفة) فأمر الخليفة الجاثليق والرهبان ان يخرجوا ايضاً في اليوم الثالث على جاري عادتهم وان يخرجوا الناس، فخرج النصارى وخرج لهم ابومحمد الحسن ومعه خلق كثير، فوقف النصارى يستسقون إلا ذلك الراهب مدّ يديه رافعاً لهما إلى السماء، ورفعت النصارى والرهبان ايديهم فغيمت السماء في الوقت ونزل المطر فأمر ابومحمد الحسن القبض على يد الراهب وأخذ ما فيها فاذا بين اصابعه عظم آدمي فأخذه ابومحمد الحسن ولفه في خرقة وقال: (استسق) ، فانكشف السحاب وانقشع الغيم وطلعت الشمس فعجب الناس من ذلك وقال الخليفة: ما هذا يا أبا محمد؟ فقال: (عظم نبي من انبياء الله عزوجل ظفر به هؤلاء من بعض قبور الانبياء وما كشف عظم نبي تحت السماء الا هطلت بالمطر) واستحسنوا ذلك فامتحنوه فوجدوه كما قال، فرجع ابومحمد الحسن إلى داره بسر من رأى وقد ازال عن الناس هذه الشبهة …( احقاق الحق،ج12، ص 464).

 هدايته للناس:

للإمام (عليه السلام) ـ كما هو حال بقية الأئمة (عليهم السلام) ـ دور في هداية الناس وخصوصا من يطلب الحقيقة ونذكر هنا ما حصل لفيلسوف العراق ( اسحاق الكندي ):
إنّ اسحاق الكندي كان فيلسوف العراق في زمانه الذي اخذ في تأليف كتاب تخيل انه يستطيع ان يثبت فيه وجود تناقض في القرآن وشغل نفسه بذلك وتفرد به في منزله وان بعض تلامذته دخل يوماً على الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) فقال له ابومحمد (عليه السلام) : (أما فيكم رجل رشيد يردع استاذكم الكندي عمّا اخذ فيه تشاغله بالقرآن) ، فقال التلميذ : نحن من تلامذته كيف يجوز منّا الاعتراض عليه في هذا أو في غيره، فقال له أبو محمد : (أتؤدي إليه ما القيه اليك؟) قال: نعم ، قال: (فصر إليه وتلطف في مؤانسته ومعونته على ما هو بسبيله فاذا وقعت الانسة في ذلك  فقل قد حضرتني مسألة اسألك عنها فانه يستدعي ذلك منك فقل له: ان اتاك هذا المتكلم بهذا القرآن هل يجوز ان يكون مراده بما تكلم منه غير المعاني التي قد ظننتها انك ذهبت إليها؟ فانه سيقول لك انه من الائز لانه رجل يفهم اذا سمع ، فاذا أوجب ذلك فقل له:
فما يدريك لعله قد اراد غير الذي ذهبت انت إليه فيكون واضعاً لغير معانيه) ، فصار الرجل إلى الكندي وتلطف إلى ان القى عليه هذه المسألة فقال له: اعد عليّ، فأعاد عليه فتفكر في نفسه ورأى ذلك محتملاً في اللغة وسائغاً في النظر، فقال: اقسمت عليك الا اخبرتني من اين لك؟

0 الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السلام) ـ الجزء الرابع

 
الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السلام) ـ الجزء الرابع

وبعض العلماء الكبار اعتبر هذه الزيارة افضل الزيارات الجامعة، وقد نقلها كثير من الشخصيات العلمية المرموقة، كالمرحوم الشيخ الصدوق المتوفى سنة ( 381 هجرية ) في كتاب ( من لا يحضره الفقيه) ( ج2، ص 609، طبع مكتبة الصدوق، طهران ( يقول الشيخ الصدوق في اوائل كتاب من لا يحضره الفقيه: انني اذكر في هذا الكتاب ما افتي به واراه حجة شرعية بيني وبين ربي ج1 ص 3) وكتاب ( عيون اخبار الرضا) ( ج2 ص 277 طبع منشورات الاعلمي، طهران) ، والشيخ الطوسي المتوفى سنة ( 460) هجرية في كتاب ( تهذيب الاحكام) ( ج6 ص95 طبعة طهران).
ونفس جذابية الكلام وثراء المضمون وما يحفل به من علم ومعرفة هو شاهد صادق على اصالة هذه الزيارة وداّل على تمتّع قائله بالعلم الالهي الرفيع، ونحن ننقل هنا هذا الكلام الشريف آملين ان لا يغفل التابعون للأئمة (عليهم السلام) عن هذه الجوهرة الثمينة من كنز المعارف الشيعية، وان يواظبوا على زيارة الائمة الطاهرين بهذه الكلمات المضيئة، سواء أكانت زيارتهم من بعد ام في حرم كل واحد من الائمة المعصومين صلوات الله عليهم اجمعين.

 تلامذة الإمام (عليه السلام):

إنّ جَوَّ الاضطهاد والظلم الذي عاشه الإمام (عليه السلام) قد جعل امكانية الانتفاع من الإمام محدودة جدّاً ، ولكنّه مع ذلك استطاع بعض المشتاقين لمعارف القرآن وأهل البيت (عليه السلام) ان يكسبوا من فيض الإمام الهادي (عليه السلام) بمقدار سعة وجودهم، وان يرتعفوا إلى الدرجات الرّاقية من الايمان والمعرفة. وقد سمّى الشيخ الطوسي ( 185) شخصاً من الذين رووا عن الإمام الهادي (عليه السلام)، ونلاحظ بينهم شخصيات لامعة، ونحن هنا نتعرض لذكر بعضهم باختصار:
1 ـ عبدالعظيم الحسني: كان من كبار الرواة والعلماء، وله مقام رفيع في الزهد والتقوى، وقد ادرك بعض الاصحاب الكبار للإمام السادس والإمام السابع والإمام الثامن (عليهم السلام)، وهو يعد من أنجب تلامذة الإمامين الجواد والهادي ((عليهما السلام)) ومن اشهر الرواة عنهما.
يقول الصاحب بن عبّاد: كان عبدالعظيم الحسني عارفاً بشؤون الدين ومطلعاً تماماً على المسائل الدّينية واحكام القرآن ( عبدالعظيم الحسني ص 31).
ويقول أبو حمّاد الرازي: ذهبت إلى مجلس الإمام الهادي (عليه السلام) وسألته عن بعض المسائل، ولمّا اردت الانصراف قال لي الإمام: كلما حدثت لك مشكلة فاسأل عنها عبدالعظيم الحسني وابلغه سلامي ( عبدالعظيم الحسني، ص 24).
وقد ارتفع في مدارج الايمان والمعرفة إلى الحد الذي قال له الإمام الهادي (عليه السلام):
( انت وليّنا حقّاً) ( الامالي للصدوق ص 204 المجلس 54).
قال عبدالعظيم بن عبدالله الحسني : ( دخلت على سيدي علي بن محمد ( الهادي ) بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) فلما بصرني قال لي: (مرحباً بك يا أبا القاسم انت ولينا حقاً) ، قال: فقلت له: يابن رسول الله أنّى اريد ان اعرض عليك ديني فان كان مرضيّاً ثبتّ عليه حتى القى الله عزوجل، فقال: (هات يا أبا القاسم) ، فقلت: إنّي اقول: إن الله تعإلى واحد ليس كمثله شيء خارج من الحدين حدّ الابطال وحدّ التّشبيه، وانه ليس بجسم ولا صورة ولا عرض ولا جوهر، بل هو مجسّم الاجسام ومصوّر الصّور وخالق الاعراض والجواهر وربّ كلّ شيء ومالكه وجاعله ومحدثه، وان محمداً عبده ورسوله خاتم النبيين، فلا نبي بعده إلى يوم القيامة وان شريعته خاتمة الشرائع فلا شريعة بعدها إلى يوم القيامة، واقول ان الإمام والخليفة وولي الامر بعده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي ثم جعفر بن محمد ثم موسى بن جعفر ثم علي بن موسى ثم محمد بن علي ثم انت يا مولاي، فقال علي (عليه السلام) : (ومن بعد الحسن ابني فكيف للناس بالخلف من بعده؟) قال : فقلت: وكيف ذاك يا مولاي؟ قال: (لأنّه لا يرى شخصه ولا يحل ذكره باسمه حتى يخرج فيملأ الارض قسطاً وعدلا كما ملئت ظلما وجورا) ، قال فقلت: اقررت واقول ان وليّهم ولي الله وعدوهم عدو الله وطاعتهم طاعة الله ومعصيتهم معصية الله، واقول ان المعراج حق والمسألة في القبر حق وَاَنّ الجنّة حق والنار حق والصراط حقّ والميزان حقّ وان السّاعة آتية لا ريب فيها وان الله يبعث من في القبور، واقول ان الفرائض الواجبة بعد الولاية الصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد والامر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فقال علي بن محمد (عليه السلام): (يا أبا القاسم هذا والله دين الله الذي ارتضاه لعباده فاثبت عليه أثبتك الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الاخرة) ) ( الامالي للصدوق ص 204 المجلس 54).
وكما يبدو من التاريخ والروايات فانّ عبدالعظيم (عليه السلام) قد تعرض لمطاردة حكومة زمانه ففّر إلى ايران ليصون نفسه من الخطر واختفى في مدينة الرّي، ونقرأ في تاريخ حياته:
( كان عبدالعظيم ورد الرّيّ هارباً من السّلطان وسكن سَرَباً في دار رجل من الشيعة في سكّة الموالي وكان يعبد الله في ذلك السّرَب ( حفيرة تحت الارض) ويصوم نهاره ويقوم ليله وكان يخرج مستتراً فيزور القبر المقابل قبره وبينهما الطريق ويقول هو قبر رجل من ولد موسى (عليه السلام) فلم يزل يأوي إلى ذلك السّرب ويقع خبره إلى واحد بعد واحد من شيعة آل محمد (عليهم السلام) حتى عرفه اكثرهم، فرأى رجل من الشيعة في المنام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال له: (إن رجلا من ولدي يحمل من سكّة الموالي ويدفن عند شجرة التفاح في باغ عبدالجبار بن عبدالوهاب) وأشار إلى المكان الذي دفن فيه، فذهب الرجل ليشتري الشجرة ومكانها؟ فأخبره الرّؤيا، فذكر صاحب الشجرة إنه كان رأى مثل هذه الرّؤيا وانه قد جعل موضع الشجرة مع جميع الباغ وقفاً على الشريف والشيعة يدفنون فيه.
فمرض عبدالعظيم ومات رحمه الله فلما جرّد ليغسل وجد في جيبه رقعة فيها ذكر نسبه) ( جامع الرواة، الجزء الاول، ص 460).
وقد حدثت وفاة عبدالعظيم في مرحلة إمامة الهادي (عليه السلام)، ويمكننا ان نتعرف على علوّ شخصيّته الالهيّة من خلال هذه الرواية التي ينقلها محمد بن يحيى العطار:
سأل الإمام الهادي عليه السالم رجلاً من أهالي مدينة الري جاءه زائراً فقال له: (اين كنت).
قال: كنت ذاهباً إلى زيارة قبر الإمام الحسين (عليه السلام). فقال له الإمام: (كن على علم بأنّك لوزرت قبر عبدالعظيم الموجود في مدينتكم لكنت كمن زار قبر الإمام الحسين (عليه السلام)) ( عبدالعظيم الحسني ص 63).
ويعدّ عبدالعظيم من أوثق علماء الشيعة ورواتهم في زمان الأئمة (عليهم السلام)، وقد كان من جملة المؤلفين ايضاً، ونقل انه ألّف كتابا حول خطب أمير المؤمنين (عليه السلام) وكتاباً آخر يُسّمى بـ ( اليوم والليلة) ( عبدالعظيم الحسني ص 63).
 2 ـ الحسين بن سعيد الأهوازي:
وهو من اصحاب الإمام الرضا والإمام الجواد والإمام الهادي (عليهم السلام)، وقد نقل الاحاديث عن جميع هؤلاء الكرام، وهو في الاصل من اهالي الكوفة، ولكنه انتقل مع اخيه إلى الأهواز ثم جاء من هناك إلى قم، وفي قم رحل عن هذا العالم.
والمعروف ان الحسين بن سعيد ألّف ثلاثين كتاباً في الفقه والاداب الاخلاق، وكتبه مشهورة متداولة بين العلماء، وكما يقول المرحوم المجلسي الاول: يلاحظ اتفاق العلماء على وثاقته والعمل برواياته. ويقول في حقّه المرحوم العلامة: انّه محلّ وثوق وهو من اعيان العلماء وكان جليل القدر.
يقول المرحوم الشيخ الطوسي :
ان الحسين بن سعيد علاوة على مقامه العلميّ قد كان يبذل غاية جهده في إرشاد الناس وهدايتهم، ولهذا فقد أوصل اسحاق بن ابراهيم الحضيني وعليّ بن ريّان إلى الإمام الرضا (عليه السلام)، فكان السّبب في تعرّفهم على المذهب الحق وهو التشيع. وكانوا يسمعون منه الاحاديث وقد اطّلعوا على المعارف بسبب خدماته. واوصل عبدالله بن محمد الحضيني وغيره أيضاً إلى الإمام الرضا (عليه السلام) فكان هذا فاتحة خير لهم حيث اطّلعوا على المعارف الإسلامية ووصلوا إلى مقامات رفيعة وادّوا خدمات إسلامية جليلة ( تنقيح المقال، ج1 ص 329 ـ كتاب اختيار معرفة الرجال ص 551).
3ـ الفضل بن شاذان النيشابوري:
كان رجلاً عظيماً ومورداً للاعتماد وفقيها كبيراً ومتكلّماً متضلّعاً. وقد ادرك مجموعة من كبار أصحاب الأئمة، من قبيل محمد بن أبي عمير وصفوان بن يحيى، وعاشرهم ما يناهز الخمسين عاماً، وانتفع بمعاشرتهم كما يقول هو: عندما توفّي هشام بن الحكم اصبح خليفته يونس بن عبدالرحمان، وعندما توفّي هذا اصبح خليفته في ردّ المخالفين السكاك، وأمّا الآن فأنا خليفتهم ( منتهى المقال ص 242 ـ مقدمة كتاب الايضاح، ص3، طبعة جامعة طهران).
ويعدّه المرحوم الشيخ الطوسي من جملة اصحاب الإمام الهادي والإمام العسكري (عليهما السلام)، وقد عدّه بعض علماء الرّجال من جملة اصحاب الإمام الهادي (عليه السلام) مع انّهم اعتبروه ضمن اتباع الإمام الجواد والإمام العسكري (عليهما السلام) أيضاً. ( مقدمة الايضاح، ص9 وص86).
وقد ألّف الفضل بن شاذان كتباً كثيرة بحيث قال البعض انها تصل إلى مائة وثمانين كتابا، ومن جملتها كتاب ( الايضاح ) الذي هو في علم الكلام وتحليل عقائد اصحاب الحديث، وقد طبعته جامعة طهران في عام (1392) هجري قمري.
واهتّم العلماء الكبار بأقوال وآثار الفضل بن شاذان، وكان العلماء يكتفون بقوله في ردّ أو قبول الرّواة. وأولى المرحوم الكليني عناية خاصّة لبعض كلماته وآرائه في كتاب الكافي. واهتّم بها كثيراً المرحوم الصدوق والشيخ الطوسي كذلك.
يقول مؤلّف كتاب ( جامع الرّواة) :
( فإنّه رئيس طائفتنا (نحن الشيعة) اجل اصحابنا الفقهاء والمتكلمين وله جلالة في هذه الطائفة وهو في قدره اشهر من ان نصفه. متكلم فقيه جليل القدر له كتب ومصنّفات، روى الكشّي عن الملقّب بتورا من أهل بوزجان من نيشابور انّ أبا محمد الفضل بن شاذان كان وجهّه إلى العراق فذكر انه دخل على أبي محمد (الإمام الحادي عشر) (عليه السلام) فلما اراد ان يخرج سقط عنه كتاب، وكان من تصنيف الفضل، فتناوله أبو محمد (عليه السلام) ونظر فترحّم عليه وذكر انه قال اغبط أهل خراسان بمكان الفضل بن شاذان وكونه بين أظهركم ( جامع الرواة، ج2، ص5).
وفي رواية أخرى ان كتاب ( اليوم والليلة ) ـ وهو احد كتبه ـ ( عرض على أبي محمد العسكري (عليه السلام) فترّحم عليه ثلاثاً وقال: ( إنّه صحيح ينبغي ان يعمل به) ) ( منتهى المقال، ص24 ـ مقدمة الايضاح، ص87 ).
ويقول الشهيد الكبير القاضي نور الله الشّوشتري فيما يتعلق بالفضل بن شاذان:
كان من اكبر المتكلمين وافضل المفسّرين والمحدثين واعظم واشرف الفقهاء والمجتهدين واعيان القرأء والنّحاة واللّغويّين … . ( مقدمة الايضاح ص2).
كان الفضل بن شاذان يعيش في نيشابور ثمّ نفاه منها إلى بيهق أمير خراسان عبدالله بن طاهر بذنب التشيع.
وعندما هاج الخوارج في خراسان فقد اضطّر الفضل للخروج منها صوناً للنّفس، واتعبه الطّريق فألّم به المرض وفارق الحياة الدنيا في أيّام إمامة الإمام العسكري (عليه السلام) ودفن في نيشابور القديمة، ويقع قبره حاليّاً على بُعد فرسخ واحد من نيشابور الفعليّة، وهو مزار للشيعة يتبّركون بقبره ( منتهى المقال ص 242 ـ مقدمة الايضاح ص48 ـ 52).

 مقتطفات من كلام الإمام الهادي (عليه السلام):

وفي خاتمة المطاف نتبرّك بنقل كلمات من هذا الإمام العظيم للتّمسّك بولايته وتهذيب النفس بأحاديثه:
1 ـ ينقل الإمام (عليه السلام) عن آبائه الكرام إنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:
( … الإيمان ما وقرته القلوب وصدّقته الأعمال، والإسلام ما جرى به اللّسان وحلّت به المناكحة) ( مروج الذهب ج4 ص85).
2 ـ ( من رضي عن نفسه كثر السّاخطون عليه) ( الانوار البهية، ص143).
3 ـ ( الهَزْلُ فكاهة السّفهاء وصناعة الجهال) ( الانوار البهية ص143).
4 ـ (من جمع لك ودّه ورأيه فاجمع له طاعتك) ( تحف العقول طبعة بيروت ص 358).
5 ـ ( من هانت عليه نفسه فلا تأمن شرّه ) ( تحف العقول طبعة بيروت ص 358).
6 ـ ( الدّنيا سوق ربح فيها قوم وخسر آخرون) ( تحف العقول طبعة بيروت ص 358).
7 ـ ( من اتّقى الله يتّقى، ومن اطاع الله يطاع، ومن اطاع الخالق لم يبال سخط المخلوقين) ( تحف العقول طبعة بيروت ص 357).
8 ـ ( إنّ الظالم الحالم يكاد ان يعفى على ظلمه بحلمه) ( تحف العقول طبعة بيروت ص 358).
9 ـ ( إنّ المحقّ السّفيه يكاد ان يطفئ نور حقّه بسفهه) ( تحف العقول طبعة بيروت ص 358).

 فسلامٌ عليه يوم وُلِدَ ويوم استُشهِدَ مسموماً ويوم يُبْعَثُ حياً

0 الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السلام) ـ الجزء الثالث

 
الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السلام) ـ الجزء الثالث

وهكذا فان الإمام الهادي (عليه السلام) ـ مثل آبائه الكرام ـ لم يرحل عن الدنيا بواسطة الموت الطبيعي، وإنّما قد سُمّ في خلافة المعتز العباسي (نور الابصار للشبلنجي ص 183 ـ الانوار البهية، ص 150).
وفي الثالث من شهر رجب سنة ( 254) هجرية ارتحل إلى الرفيق الاعلى ودفن في داره الواقعة في سامراء ( الإرشاد للمفيد ص 314 ـ أعلام الورى ص 355 الانوار البهية ص 15).
وقد حاول المعتز وبطانته اظهار انفسهم بمظهر المحبين والمخلصين للإمام فاشتركوا في مراسم الصلاة على الإمام ودفنه ليستغلوا هذا الامر لأغراضهم الوضيعة ويخدعوا العوام ويغطوا على جريمتهم النكراء، لكننا نحن الشيعة نعتقد ان جثمان الإمام لابد ان يصلي عليه إمام معصوم، ولهذا فانه قبل اخراج الجثمان الطاهر للإمام فقد قام بالصلاة عليه إبنه الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) ( الانوار البهية ص 151).
 ثم بعد ان اخرجت الجنازة أمر المعتز اخاه احمد بن المتوكل باقامة الصلاة على جثمان الإمام (عليه السلام) في شارع (أبي احمد ). وهبّ الناس للمشاركة في تشييع الإمام وازدحمت بهم الشوارع وارتفع البكاء والنحيب، وبعد انتهاء المراسم أُعيدت الجنازة إلى بيت الإمام (عليه السلام) ودفن فيه جثمانه ( تاريخ اليعقوبي ج2 ص 503 طبعة بيروت).
سلام الله وصلواته عليه وعلى آبائه الطاهرين

 معاجز الإمام والارتباط بالغيب

 إنّ الأئمة (عليهم السلام) يتميزون بإرتباط خاصّ بالله تعإلى وعالم الغيب بسبب مقام العصمة والإمامة، ولهم ـ مثل الأنبياء ـ معاجز وكرامات تؤيدّ ارتباطهم بالله وكونهم أئمّة، وتظهر على ايديهم في المجالات المناسبة نماذج من العلم والقدرة الالهية، بحيث تؤدّي إلى اطمئنان النفس وتربية الاتباع، وتعدّ أيضاً دليلاً وحجة على انّ ما يدعونه هو الحق.
 وقد شوهدت من الإمام الهادي (عليه السلام) معاجز وكرامات كثيرة سجلتها كتب التاريخ والحديث، ونقلها جميعاً يحتاج إلى كتاب مستقل، ونقتصر هنا على ذكر بعض النماذج منها رعاية للاختصار :

 1 ـ الإمامة والقيادة في سنين الطفولة :

كما اشرنا من قبل فالإمام الهادي (عليه السلام) قد اسند إليه منصب الإمامة بعد استشهاد والده الكريم وهو في سن الثامنة من عمره الشريف، وهذا هو بنفسه من اوضح الكرامات والمعجزات، وذلك لان التصدي لمثل هذا المقام الخطير والمسؤولية الضخمة الالهية ليس فقط لا تتيسر من الأطفال وإنّما حتى من الرّجال العقلاء البالغين، وبما انّ علماء الشيعة ومحدثيهم يرجعون إلى الإمام اللاحق بعد استشهاد أو وفاة الإمام السابق ويسألونه عن مسائلهم المختلفة، بل وحتى انهم يختبرونه احياناً، وكذا الشخصيات الكبيرة من العلويين واقارب الإمام الذين وصلوا إلى سنّ الكمال كانوا يترددون على بيت الإمام (عليه السلام) ويعاشرونه، فمن المستحيل ان يستطيع طفل ـ من دون تأييد الله وارادته والارتباط بالعلم والقدرة الالهية ـ التّصدّي لمثل هذا المقام الخطير واعطاء الأجوبة الصحيحة على كل تلك الاسئلة والقيادة الناجحة في كلّ تلك المتعرجات، ومن البديهي انّه حتّى الناس العاديون أيضاً يميّزون بين الطفل الصغير العادي، والإمام الواعي القائد.
ومثل هذه الظروف قد مرّت أيضاً على الإمام الجواد (عليه السلام)، ونحن قد اوضحنا خلال شرحنا لحياة ذلك الإمام الكريم انّه لا علاقة لمنصب الإمامة السّماوي ـ مثل النبوة تماماً ـ بالسنّ والعمر اطلاقاً، لانّه يتمّ بامر الله وارادته.

 2 ـ الاخبار عن موت ( الواثق ) الخليفة العباسي :

يقول خيران الأسباطي :
" قدمت على أبي الحسن عليّ بن محمد (عليهما السلام) المدينة فقال لي: (ما خبر الواثق عندك؟)
قلت : جعلت فداك خلفّته في عافية، أنا من اقرب الناس عهداً به، عهدي به منذ عشرة ايّام ، قال فقال لي : (إنّ أهل المدينة يقولون إنّه قد مات)، فلمّا قال لي انّ الناس يقولون، علمت إنّه يعني نفسه، ثمّ قال لي: (ما فعل جعفر؟) قلت: تركته اسوء الناس حالاً في السجن. قال فقال لي: (أما انّه صاحب الأمر) ، ثم قال: (ما فعل ابن الزّيّات؟) قلت: الناس معه والأمر أمره، فقال: (أما انّه شوم عليه) ، قال ثمّ أنه سكت وقال لي: (لابّد ان تجري مقادير الله واحكامة يا خيران مات الواثق وقد قعد جعفر المتوكل وقد قتل ابن الزّيّات) ، قلت:  متى جعلت فداك؟ فقال: (بعد خروجك بستّة ايّام) ( الإرشاد للمفيد ص 309 ـ الفصول المهمة لابن صباغ المالكي ، ص 279 مع بعض التغيير ـ نور الأبصار للشبلنجي، ص 182).
 ولم يمرّ سوى عدّة ايّام حتى جاء إلى المدينة مبعوث المتوكل وشرح الاحداث فكانت كما نقلها الإمام الهادي (عليه السلام) "( الفصول المهمة لابن صباغ المالكي، ص 279 ـ احقاق الحق،  ج12 ص 451).

 3 ـ تكلّمه باللّغة التّركيّة :

روى أبو هاشم الجعفري انّه كنت بالمدينة حين مرّبها ( بغاء ) ايّام الواثق في طلب الاعراب فقال أبو الحسن (عليه السلام): (اخرجوا بنا حتى ننظر إلى تعبية هذا التركي) ، فخرجنا فوقفنا فمرّت بنا تعبيته، فمرّ بنا تركي فكلمه أبو الحسن (عليه السلام) بالتركية، فنزل عن فرسه فقبل حافر دابتّه، قال: فحلّفت التّركيّ وقلت له ما قال لك الرجل؟ قال: هذا نبيّ ؟ قلت: ليس هذا بنبي، قال: دعاني باسم سميّت به في صغري في بلاد التّرك ما علمه احد إلى السّاعة ( أعلام الورى ص 359).

 4 ـ خضوع الوحوش له :

نقل الشيخ سليمان البلخي القندروزي في كتابه ( ينابيع المودة ) ـ وهو احد علماء السّنّة ـ :
ذكر المسعودي انّ المتوكل امر بثلاثة من السّباع فجيء بها في صحن قصره ثم دعا الإمام علي الهادي فلمّا دخل اغلق باب القصر فدارت السباع حوله وخضعت له وهو يمسحها بكمّه ثم صعد إلى المتوكل ويحدث معه ساعة ثمّ نزل ففعلت السباع معه كفعلها الأول حتى خرج فأتبعه المتوكل بجائزة عظيمة فقيل للمتوكل انّ ابن عمّك يفعل بالسباع ما رأيت فافعل بها ما فعل ابن عمّك، قال: انتم تريدون قتلي ثمّ امرهم ان لا يفشوا ذلك ( احقاق الحق ج12 ص 451 ـ 452). 

5ـ هيبة الإمام وعظمته :

   روى محمد بن الحسن الأشتر العلويّ قال: كنت مع أبي على باب المتوكل وانا صبيّ في جمع من الناس ما بين طالبيّ إلى عباسي وجعفري، ونحن وقوف اذ جاء أبو الحسن ( الإمام الهادي (عليه السلام) ) ترجل الناس كلّهم حتّى دخل، فقال بعضهم لبعض: لم نترجّل لهذا الغلام وما هو بأشرفنا ولا بأكبرنا ولا بأسنّنا، والله لا ترجّلنا له.
فقال أبو هاشم الجعفري ـ وكان حاضراً هناك حينذاك : ـ
والله لتترجّلنّ له صغرة اذا رأيتموه، فما هو الا ان اقبل وبصروا به حتّى ترجّل له الناس كلهم، فقال لهم أبو هاشم الجعفري: أليس زعمتم انكم لا ترجلون له؟ فقالوا له: والله ما ملكنا أنفسنا حتى ترجّلنا ( أعلام الورى ص 360).

 6 ـ الإخبار عمّا في الضّمير وعن دعاء سوف يستجاب:

كان باصفهان رجل يقال له عبدالرحمن وكان شيعيّاً، قيل له: ما السّبب الذي اوجب عليك القول بإمامة عليّ الهادي دون غيره من أهل الزمان؟ قال: شاهدت ما أوجب عليّ، وذلك اني كنت رجلاً فقيراً وكان لي لسان وجرأة، فأخرجني أهل اصفهان سنة من السنين مع قوم آخرين إلى باب المتوكل متظلمين. فكنّا بباب المتوكل يوماً اذا خرج الامر بإحضار عليّ بن محمد بن الرضا (عليهم السلام)، فقلت لبعض من حضر: من هذا الرجل الذي قد أمر باحضاره؟ فقيل : هذا رجل علويّ تقول الرّفضة بإمامته، ثمّ قال: ويقدّر انّ المتوكل يحضره للقتل فقلت: لا ابرح من هانها حتى أنظر إلى هذا الرجل أي رجل هو؟ قال: فأقبل راكبا على فرس، وقد قام الناس يمنة الطريق ويسرتها صفين ينظرون إليه، فلما رأيته وقع حبّه في قلبي فجعلت ادعو في نفسي بأن يدفع الله عنه شرّ المتوكل، فأقبل يسير بين الناس وهو ينظر إلى عرف دابّته لا ينظر يمنة ولا يسرة، وانا دائم الدعاء، فلما صار الي أقبل بوجهه الي وقال: استجاب الله دعاءك، وطوّل عمرك، وكثر مالك وولدك، قال: فارتعدت ووقعت بين اصحابي، فسألوني وهم يقولون: ما شأنك؟ فقلت خير، ولم أخبر بذلك.
فانصرفنا بعد ذلك إلى اصفهان، ففتح الله عليّ وجوهاً من المال، حتى انا اليوم أغلق بأبي على ماقيمته ألف ألف درهم، سوى مالي خارج داري، ورزقت عشرة من الأولاد، وقد بلغت الآن من عمري نيفّاً وسبعين سنة وأنا أقول بإمامة هذا الرجل على الذي علم ما في قلبي، واستجاب الله دعاءه فيّ ولي ( بحار الانوار ج50، ص 141، 142).

 7 ـ طمئنة الجار وحلّ مشكلته :

كان في الموضع مجاور الإمام من أهل الصّنايع صنوف من الناس، وكان الموضع كالقرية وكان يونس النقاش يغشى سيّدنا الإمام ( الهادي (عليه السلام) ) ويخدمه.
فجاء يوماً يرعد فقال: يا سيّدي اوصيك بأهلي خيرا، قال : (وما الخبر؟) قال: عزمت على الرّحيل، قال: (ولم يا يونس؟) وهو (عليه السلام) متبسّم، قال: قال: موسى بن بغا وجّه اليّ بفصّ ليس له قيمة اقبلت ان انقشه فكسرته باثنين وموعده غداً، وهو موسى بن بغا، امّا الف سوط أو القتل، قال (عليه السلام) : (إمض إلى منزلك إلى غد فما يكون إلا خيراً).
فلمّا كان من الغدوافى بكرة يرعد فقال: قد جاء الرسول يلتمس الفصّ، قال (عليه السلام) : (إمض إليه فما ترى الا خيرا) قال: وما أقول له يا سيدي ؟ قال فتبسّم وقال (عليه السلام) : (إمض إليه واسمع ما يخبرك به، فلن يكون الا خيراً).
قال: فمضى وعاد يضحك، قال قال لي يا سيدي: الجواري اختصمن فيمكنك ان تجعله فصيّن حتى نغنيك؟ فقال سيّدنا الإمام (عليه السلام): (اللَّهُم لك الحمد اذ جعلتنا ممن يحمدك حقّاً، فأيش ـ وهو مخفّف أي شي ـ قلت له؟) قال: قلت له: أمهلني حتى أتأمّل أمره كيف أعمله؟ فقال : (أصبت) (بحار الانوار ج50، ص125 ـ 126).

 8 ـ الامساك بيد أبي هاشم وانقاذه:

قال أبو هاشم الجعفري : اصابتني ضيقة شديدة فصرت إلى أبي الحسن علي بن محمد ( الهادي ) (عليه السلام)، فأذن لي فلما جلست قال: (يا أبا هاشم ايّ نعم الله عزوجل عليك تريد ان تؤدّى شكرها؟) قال أبو هاشم: فوجمت فلم ادرِ ما اقول له، فابتدأ (عليه السلام) فقال: (رزقك الايمان فحرم بدنك على النار، ورزقك العافيه فأعانتك على الطاعة، ورزقك القنوع فصانك عن التبذل، يا أباهاشم إنّما ابتدأتك بهذا لأني ظننت أنّك تريد ان تشكو لي من فعل بك هذا، وقد أمرت لك بمائة دينار فخذها) ( بحار الانوار ج50 ص 129).

معرفة الإمام في اقوال الهادي (عليه السلام):

إن كلّ واحد من أئمتّنا الأثنى عشر ـ صلوات الله على انوارهم المقدسة ـ لا يقتصر على كونه قائداً للأمّة ومبيّناً لأحكام الإسلام والقرآن، إنّما الإمام المعصوم في الثقافة الشيعية هو نور الله في الارض، والحجة التامّة للحق على جميع العالمين، ومحور كائنات الوجود، وواسطة الفيض بين الخالق والمخلوقين، والمرآة النّورانيّة لكمالات العوالم العليا، وأرفع قمّة للفضائل الانسانية، والجامع لكل الخيرات والمحاسن، ومحلّ تجلّي علم الله تعإلى وقدرته، والنموذج الكامل للانسان الواصل إلى الله، والمعصوم من السّهو والنسيان والخطأ، والمرتبط بملكوت الوجود وعالم الغيب والملائكة، والعالم بما كان وما يكون في الدنيا والاخرة، وكنز الاسرار الالهية ووارث جميع كمالات الانبياء. أجل انّ الوجود المبارك محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وآل محمد (عليهم السلام) هو مركز فرجال الوجود، وهيمنة ولا يتهم الكريمة فوق ولاية الانبياء والمرسلين، وهي رفيعة إلى الحد الذي لا تكون فيه قابلة للادراك بغيرهم، وهي رفيعة إلى الحد الذي لا تكون فيه قابلة للادراك بغيرهم، وهي بجعل من الله سبحانه مختصّة بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته المعصومين، ولا يمكن ان يطمع فيها أي طامع …
وما ذكرناه من منزلة الأئمة المعصومين ومقامهم الواقعي ـ بل واكثر من ذلك ـ يمكننا اثباته بنصوص من كتاب الله والروايات الصحيحة الواردة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمّة (عليهم الصلاة والسلام)، وهي مذكور ومدروسة في الكتب المتنوعة لعلماء الشيعة وشخصياتها، وهذه الدراسة المختصرة ليست مجالاً للتطويل ولا لذكر الدليل.
ومولانا المكرم ـ وهو عاشر كوكب من كواكب سماء الإمامة ـ الإمام أبو الحسن الهادي (عليه السلام) قد منّ علينا ـ نحن الشيعة ـ واكرمنا بكلامه العميق الثريّ الوارد في زيارة يطلق عليها اسم ( الزيارة الجامعة) تضّم كلاما فريداً ثريّاً بالمعارف الالهية الرّاقية وبحراً من العلوم الغزيزة التي تنهمر أمطاراً من الدر والجواهر على مفارق المحبين الحقيقيين للأئمة (عليهم السلام)، وهي على مستوى عقولنا ولا تتناسب مع حقيقة الإمامة، يحكي فيها بعض الطرائف من بستان الله، ويعرفنا ـ ارواحنا فداه ـ نحن الأرضيين بسماء العظمة الالهية والجلال الالهي بواسطة الأشعة النافذه لكلامه، ويسقينا ـ نحن المتعطشين إلى ولاء هؤلاء الكرام ـ من كوثر جنّة الله.
اجل ان الإمام الهادي (عليه السلام) يعلم احد شيعته ومحبيه ـ بطلب منه ـ كلمات لزيارة الائمة المعصومين (عليهم السلام)، ونجد من الخسارة ان لا نذكرها في هذا المقال المخصص لحياة هذا الإمام الكريم، لانها تشتمل على فهرست لمعرفة الإمام.

0 الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السلام) ـ الجزء الثاني

 
الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السلام) ـ الجزء الثاني

وكان سبب شخوص أبي الحسن (عليه السلام) من المدينة إلى سرّ من رأى أن عبدالله بن محمد كان يتولّى الحرب والصلاة في مدينة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فسعى بأبي الحسن إلى المتوكل، وكان يقصده بالأذى، وبلغ أبا الحسن (عليه السلام) سعايته به فكتب إلى المتوكل يذكر تحامل عبدالله بن محمد عليه وكذبه فيما سعى به، فتقدم المتوكل باجابته عن كتابه ودعائه فيه إلى حضور العسكر على جميل من الفعل والقول فخرجت نسخة الكتاب وهي:
( بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد، فانّ أمير المؤمنين! عارف بقدرك راع لقرابتك موجب لحقّك، مؤثر من الامور فيك وفي أهل بيتك ما يصلح الله به حالك وحالهم ويثبت به عزّك وعزّهم ويدخل الأمن عليك وعليهم ويبتغي بذلك رضا ربّه واداء ما فرض عليه فيك وفيهم.
فقد رأى أمير المؤمنين صرف عبدالله بن محمد عمّا كان يتولى من الحرب والصلاة بمدينة الرسول، اذ كان على ما ذكرت من جهالته بحقّك واستخفافه بقدرك، وعندما قرفك به ونسبك إليه من الامر الذي قد علم أمير المؤمنين براءتك منه وصدق نيّتك في برّك وقولك وأنّك لم تؤهل نفسك لما قرفت بطلبه، وقد ولّى أمير المؤمنين ما كان يلي من ذلك محمد بن الفضل وأمره بالكرامك وتبجيلك والانتهاء إلى امرك ورايك، والتفرب إلى الله وإلى أمير المؤمنين بذلك، وأمير المؤمنين مشتاق اليك، يحبّ احداث العهد بك والنظر إلى وجهك.
فان نشطت لزيارته والمقام قبله ما احببت، شخصت ومن اخترت من أهل بيتك ومواليك وحشمك على مهلة طمأنينة ترحل اذا شئت وتنزل اذا شئت وتسير كيف شئت، فان احببت ان يكون يحيى بن هرثمة مولى أمير المؤمنين! ومن معه من الجند يرحلون برحيلك، يسيرون بمسيرك، فالامر في ذلك اليك وقد تقدّمنا إليه بطاعتك.
فاستخر الله حتى توافي أمير المؤمنين! فما احد من اخوته وولده وأهل بيته وخاصّته الطف منه منزلة ولا احمد له اثرة ولا هو لهم أنظر وعليهم اشفق وبهم أبّر وإليهم اسكن منه اليك والسلام عليك ورحمة الله وبركاته) ( البحار ج 50، ص 200).
ولا شكّ في انّ الإمام (عليه السلام) كان مطلّعاً على سوء نيّة المتوكل ولكنه لم يكن له بدّ من الرّحيل إلى سامرّاء، وذلك لانّ امتناعه عن تلبية دعوة المتوكل يغدو وثيقة بيد الساعين يثيرون المتوكل بها ويصبح ذريعةت مناسبة له، والشاهد على انّ الإمام (عليه السلام) كان عالماً بنيّة المتوكل وقد اضطر للسّفر هو ما كان يقوله (عليه السلام) فيما بعد في سامرّاء:
( أُخرجت إلى سرّ من رأى كُرهاً) ( بحار الانوار ج50 ص 129).
فلمّا وصل الكتاب إلى أبي الحسن (عليه السلام) تجهز للرحيل وخرج معه يحيى بن هرثمة حتى وصل سرّ من رأى، فلما وصل إليها تقدم المتوكل بان يحجب عنه في يومه، فنزل في خان يقاله له خان الصعاليك ( وهو مكان معدّ للمستجدين والفقراء ) وأقام به يومه، ثمّ تقدّم المتوكّل بافراد دار له فانتقل إليها ، واحترمه في الظاهر ولكنه في الخفاء حاول تشويه سمعة الإمام إلا أنه لم ينجح في ذلك ( الإرشاد للمفيد ص 313 ـ 314 ـ الفصول المهمة لابن صباغ المالكي، ص 279 ـ 281 ـ نور الابصار للشبلنجي، ص 182).
يقول صالح بن سعيد:
"دخلت على أبي الحسن (عليه السلام) يوم  وروده فقلت له: جُعلت فداك في كل الامور أرادوا إطفاء نورك والتقصير بك، حتى انزلوك هذا المكان الاشنع خان الصّعاليك ، فقال: (ها هنا انت يا ابن سعيد؟) ثمّ أومأ بيده فاذا أنا بروضات أنيقات، وأنهار جاريات، وجنّات فيها خيرات عطرات، وولدان كأنّهنّ اللّؤلؤ المكنون، فحار بصري وكثر عجبي فقال (عليه السلام) لي: (حيث كنّا فهذا لنا يا ابن سعيد، لسنا في خان الصّعاليك)"( الإرشاد للمفيد ص 313 ـ 314).
وقد لقي الإمام الهادي (عليه السلام) أشدّ العناء والعذاب خلال فترة إقامته في سامرّاء، ولا سيما من المتوكل حيث كان يتعرض باستمرار للتهديد والايذاء منه ويواجه الخطر الجسيم والنماذج التي تذكرها لاحقاً تدل على الوضع الخطير. للإمام في سامراء وتصلح شاهداً على مدى تحمّله وصبره ومقاومته في مقابل الطّواغيت الظالمين.
 يقول الصقر بن أبي دلف الكرخي:
 "لمّا حمل المتوكل سيدنا أبا الحسن العسكري (عليه السلام) جئت أسأل عن خبره، قال: فنظر إليّ الزرافي ـ وكان حاجباً للمتوكل ـ فأمر ان ادخل إليه فأدخلت إليهن فقال: يا سقر ما شأنك؟ فقلت : خير أيّها الأستاذ، فقال: اقعد فأخذني ما تقدّم وما تأخّر، وقلت: اخطأت في المجيء.
قال: فوحى الناس عنه ثم قال لي: ما شأنك وفيم جئت؟
قلت: لخيرمّا، فقال: لعلّك تسأل عن خبر مولاك؟ فقلت له: ومن مولاي؟ مولاي أمير المؤمنين!، فقال: اسكت! مولاك هو الحق فلا تحتشمني فانّي على مذهبك، فقلت: الحمدلله.
قال: أتحبّ ان تراه؟ قلت: نعم، قال : اجلس حتى يخرج صاحب البريد من عنده.
قال: فجلست فلما خرج قال لغلام له: خذ بيد الصّقر وأدخله إلى الحجرة التي فيها العلوي المحبوس، وخّلّ بينه وبينه، قال: فأدخلني إلى الحجرة وأومأ إلى بيت فدخلت فاذا هو جالس على صدر حصير بحذاه قبر محفور، قال: فسلّمت عليه فردَّ عليّ ثمّ أمرني بالجلوس ثمّ قال لي: (ياصقر ما أتى بك؟) قلت: سيدي جئت اتعرف خبرك؟ قال: ثم نظرت إلى القبر فبكيت فنظر إليّ فقال: (يا صقر لا عليك لن يصلوا إلينا بسوء الآن) ، فقلت: الحمد لله ، ثم سألته عن حديث مرويّ عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأجانبي، ثم قال (عليه السلام): (ودّع واخرج فلا آمن عليك)"( بحار الانوار ج50 ص 195 ـ 194).
قال المسعودي في مروج الذهب:
"سعي إلى المتوكل بعلي بن محمد الجواد (عليهم السلام) انّ في منزله كتباً وسلاحاً من شيعته من أهل قم، وأنه عازم على الوثوب بالدولة فبعث إليه جماعة من الاتراك، فهجموا داره ليلاً فلم يجدوا فيها شيئاً ووجده في بيت مغلق عليه، وعليه مدرعة من صوف، وهو جالس على الرّمل والحصا وهو متوجه إلى الله تعإلى يتلو آيات من القرآن.
فحمل على حاله تلك إلى المتوكل وقالوا له: لم يجد في بيته شيئاً ووجدناه يقرأ القرآن مستقبل القبلة، وكان المتوكل جالساً في مجلس الشرب فدخل عليه والكأس في يد المتوكل، فلما رآه ها به وعظمّه وأجلسه إلى جانبه وناوله الكأس التي كانت في يده، فقال: والله ما يخامر لحمي ودمي قطّ، فاعفني فأعفاه، فقال: أنشدني شعراً، فقال (عليه السلام): (إنّيّ قليل الرواية للشعر) ، فقال: لابدّ، فانشده (عليه السلام) وهو جالس عنده:
باتوا على قلل الاجبال تحرسهم***  غلب الرجال فلم تنفعهم القلــل
واستنزلوا بعد عزّ من معاقلهم ***  وأُسكنوا حفراً يا بئس ما نزلـوا
ناداهم صارخ من بعد دفنهـم ***  أين الأساور والتيجان والحلــل
اين الوجوه التي كانت منعّمة  *** من دونها تضرب الأستار و الكلل
فأفصح القبر عنهم حين سائلهم***  تلك الوجوه عليها الدّود تقتتــل
قد طال ما أكلوا دهراً وقد شربوا  *** وأصبحوا اليوم بعد الأكل قد أُكلوا
قال: فبكى المتوكل حتى بلّت لحيته دموع عينيه، وبكى الحاضرون، ودفع إلى علي (عليه السلام) اربعة آلاف دينار، ثم ردّه إلى منزله مكرّماً ( البحار ج50 ص 211 ـ 212).
ومرّة أخرى هاجموا دار الإمام: فقد مرض المتوكل مرضاً اشرف منه على التّلف، فوصف له الإمام (عليه السلام) دواءً لعلاجه، وعوفي بسبب تناوله ذلك الدّواء. وبشّر امّ المتوكل بعافيته فحملت إلى أبي الحسن (عليه السلام) عشرة آلاف دينار تحت ختمها.
فلمّا كان بعد أيّام سعى البطحائي بأبي الحسن (عليه السلام) إلى المتوكل فقال: عنده سلاح وأموال، فتقدم المتوكل إلى سعيد الحاجب ان يهجم ليلاً عليه ويأخذ ما يجد عنده من الأموال والسّلاح ويحمل إليه.
فقال ابراهيم بن محمد: قال لي سعيد الحاجب: صرت إلى دار أبي الحسن (عليه السلام) بالليل، ومعي سلّم فصعدت منه إلى السطح، ونزلت من الدرجة إلى بعضها في الظّلمة، فلم ادر كيف اصل إلى الدار فناداني أبو الحسن (عليه السلام) من الدار: يا سعيد مكانك حتى يأتوك بشمعة، فلم ألبث أن آتوني بشمعة فنزلت فوجدت عليه جبّة من صوف وقلنسوة منها وسجّادته على حصير بين يديه وهو مقبل على القبلة فقال لي: دونك بالبيوت.
فدخلتها وفتشتها فلم أجد فيها شيئاً، ووجدت البدرة مختومة بخاتم امّ المتوكل وكيسا مختوماً معها، فقال أبو الحسن (عليه السلام):
دونك المصلّى فرفعت سيفا في جفن غير ملبوس، فأخذت ذلك وصرت إليه.
فلّمّا نظر إلى خاتم امّه على البدرة بعث إليها، فخرجت إليه، فسألها عن البدرة، فأخبرني بعض خدم الخاصة انها قالت له: كنت نذرت في علّتك ان عوفيت ان احمل إليه من مالي عشرة آلاف دينار فحملتها إليه وهذا خاتمك على الكيس ما حركّها. وفتح الكيس الاخر وكان فيه اربع مائة دينار، فأمر ان يضم إلى البدرة بدرة أخرى وقال لي: احمل ذلك إلى أبي الحسن واردد عليه السيف والكيس بما فيه، فحملت ذلك إليه واستحييت منه، وقلت: يا سيدي عزّ عليّ بدخول دارك بغير اذنك، ولكنّي مأمور به، فقال لي:
( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون)" ( احقاق الحق ج12 ص 452، 453، الفصول المهمة لابن صباغ المالكي ص 281 ـ 282).
وبعد معاناة طويلة انتهت الحكومة الغاشمة للمتوكل، فبتحريض من إبنه ( المنتصر ) قامت مجموعة من الاتراك المسلحين بقتله وقتل وزيره الفتح بن خاقان بينما كانا منهمكين في شرب الخمر واللهو وبذلك تطهّرت الارض من وجوده النحطّ ( تتمة المختصر في اخبار البشر ج1 ص 341 ـ 342).
واستلم المنتصر في صبيحة تلك الليلة التي قتل فيها المتوكل مقاليد الخلافة وأمر بهدم بعض قصور ابيه. ( تتمة المنتهى ص 243) .
ولم يؤذ العلويين وإنّما اظهر الرّأفه والعطف عليهم وأجاز زيارة قبر الإمام الحسين (عليه السلام)، وابدى للزائرين الخير والاحسان ( تتمة المختصر في اخبار البشر ج1 ص344).
وأصدر امره باعادة ( فدك ) إلى اولاد الإمام الحسن والإمام الحسين (عليهما السلام)، ورفع الحظر عن الاوقاف العائدة إلى آل أبي طالب، ( تتمة المنتهى ص 244) .
وكانت فترة خلافة المنتصر قصيرة فقد امتدّت ستة اشهر فحسب، وتوفي في عام ( 248) هجري ( تاريخ اليعقوبي ج2 ص 493 ـ تتمة المختصر في اخبار البشر ج1 ص 344).
وانتقلت الخلافة من بعده إلى ابن عمه ( المستعين ) وهو حفيد المعتصم، وقد سلك طريقة الخلفاء السابقين، وفي اثناء حكمه نهضت مجموعة من العلويين وانتهى بها الامر إلى القتل.
ولم يستطع المستعين الصمود في وجه تمرّد الأتراك من جيشه، فاستخرج المتّمرّدون المعتزّ من السجن وبايعوه. وبذلك ارتفع نجم المعتزّ واضطرّ المستعين ليبدي استعداده للصلح معه وصالحه المعتز بحسب الظاهر واستدعاه إلى سامراء ولكنه في وسط الطريق أمر به فقتل ( المختصر في اخبار البشر ج2 ص 42 ـ44).
وقد جرت سيرة المستعين على اطلاق ايدي بعض المقربين إليه وزعماء الاتراك في نهب بيت المال والعبث به حسب ما تقتضيه اهواؤهم ( المختصر في اخبار البشر ج2 ص 42 ـ 43 تاريخ اليعقوبي ج2 ص 499 ـ تتمة المنتهى ص 246).
ولكنه كان يسلك مع ائمّتنا المعصومين (عليهم السلام) سلوكاً مشينا جدّاً وقاسيا، وبناءً على بعض الروايات فانّه قد تعرض للعن من قبل الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) وانتهت حياته (بحار الانوار ج50 ص 249).
وبعد المستعين استلم الخلافة ( المعتزّ) وهو ابن المتوكل واخ المنتصر. وكان موقفه من العلويين سيئاً جداً. وخلال حكمه تعرضت طائفة من العلويين للقتل أو دُسّ إليها السم. وفي زمانه أيضاً استشهد الإمام الهادي (عليه السلام).
   وأخيراً فقد واجه المعتز تمرّداً اشترك فيه زعماء الأتراك وآخرون وعزلوه عن الحكم وضرب وجرح على ايديهم ثم القوابه في سرداب واغلقوا عليه بابه حتى هلك في داخله ( تتمة المنتهى ص 252 ـ 254 ـ المختصر في اخبار البشر ج2 ص 45).

  محاصرة الإمام (عليه السلام) واستشهاده :

 إنّ كلّ باحث عندما يتأمّل في حاية الإمام الهادي (عليه السلام) يدرك ان هذا الإمام الجليل قد عاش حياته كلّها تحت الضغط والحصار المروع، ومن الواضح ان هذا الوضع لميكن مقصوراً على هذا الزمان وإنّما كان الأمر على هذا المنوال طيلة مرحلة بني أميّة وبني العباس سوى فترات محدودة، فقد كان الخلفاء الغاصبون يدوسون بأقدامهم على المجتمع ولا يهتمون بمصالحه ويتخذون الناس وسيلة لتحقيق مصالحهم الشخصيّة ومنا فعهم الذّاتيّة، وفي أثناء تسلط الخلفاء الظالمين كان الرعب والفزع مسيطراً بحيث لم يجرؤ الناس على القيام ضدّ الطغاة، والانتفاع بقيادة الأئمة المعصومين (عليهم السلام) وايجاد الحكومة الإسلامية الحقيقية، ومنهنا فقد كانت علاقة الأمّة بالإمام محدودة جداً، وكما مرّ علينا فان حكومة ذلك أجبرت الإمام الهادي (عليه السلام) على الرحيل من المدينة إلى مركزالخلافة حينذاك، أي سامراء، وجعلته (عليه السلام) تحت الرقابة الشديدة، ومع كلّ الضغوط المسلطة عليه فانّ الإمام (عليه السلام) تحمل الآلام والمحدوديات المفروضة عليه ولم يستسلم لرغبات الظالمين، ومن البديهي ان شخصيّة الإمام القوية ومركزه الاجتماعي الرفيع ونضاله السلبي وعدم تعاونه مع الخلفاء ـ كل هذه الامور ـ كانت مرعبة للطواغيت ومُرّة المذاق، وكان بنو العباس يعانون من هذا الامر كثيراً وباستمرار، وبالتالي فقد توصلوا إلى الحيلة الوحيدة لمعالجته وهو اطفاء نور الله وقتل ذلك الإمام الجليل.

0 الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السلام) ـ الجزء الأول

 
الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السلام) ـ الجزء الأول

نبذة من حياة الإمام (عليه السلام):

يعدّ الإمام أبو الحسن عليّ الهادي (عليه السلام) الإمام العاشر للشيعة، وقد ولد في منتصف شهر ذي الحجة سنة ( 212 ) هجرية في محلّ واقع في أطراف المدينة يسمّى ( صريا ) ، وأبوه هو الإمام التاسع الجواد (عليه السلام) وأمّه هي السيدة الجليلة ( سمانة ) وكانت أمَةً ذات فضيلة وتقوى ( أعلام الورى ص355 إرشاد المفيد ص307).
وأشهر القاب الإمام العاشر هو ( الهادي ) و ( النقي )، ويسمى أيضاً بـ ( أبي الحسن الثالث ) ( أعلام الورى ص355)، ( وفي اصطلاح رواة الشيعة أبو  الحسن الأول هو الإمام السابع موسى بن جعفر وأبو  الحسن الثاني هو الإمام الثامن علي بن موسى الرضا (عليهم السلام)).
وقد استلم الإمام الهادي (عليه السلام) منصب الإمامة سنة ( 220 ) هجرية وذلك بعد استشهاد والده الكريم وقد كان عمره الشريف آنذاك ثمانية أعوام ، واستمرّت فترة إمامته ثلاثاً وثلاثين سنة، وعمّر واحداً واربعين عاماً وعدة شهور وفي سنة ( 245) هجرية استشهد سلام الله عليه.
وقد نقل من شاهد الإمام (عليه السلام) : إنَّهُ كان متوسط القامة وذا وجه أبيض اللون مشرّباً بحمرة وذا عيون كبيرة وحواجب واسعة، واسارير وجهه تبعث على الفرح والسرور (منتهى الامال ص 243).
وقد عاصر خلال حياته سبع حكومات من الخلفاء العباسيين، فكان قبل إمامته معاصراً للمأمون والمعتصم أخ  المأمون، وفي أثناء إمامته عاصر ما تبقى من حكومة المعتصم، وحكومة الواثق ابن المعتصم، والمتوكل أخ الواثق، والمنتصر ابن المتوكل، والمستعين ابن عم المنتصر، والمعتز وهو الابن الآخر للمتوكل، ثم استشهد في عصر المعتز ( أعلام الورى ص355 إرشاد المفيد ص 307 ، تتمة المنتهى ص 201، 208).
وفي اثناء حكم المتوكل جاءوا بالإمام ـ بأمر من هذا الطاغية ـ من المدينة إلى سامراء التي كانت آنذاك مركز حكم العباسيين، وأقام فيها الإمام إلى آخر عمره الشريف ( أعلام الورى ص355، إرشاد المفيد ص307، تتمة المنتهى ص 201، 208).
وأبناء الإمام (عليه السلام) هم: الإمام الحادي عشر الحسن العسكري (عليه السلام) ، والحسين ومحمد وجعفر وبنت واحدة تسمى ( عليّة )، (أعلام الورى ص 366).

 سلوك الخلفاء :

إنّ استمرار النضال والمعارضة من أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للخلفاء الغاصبين الظالمين يعتبر من الصفحات الدموية المليئة بالفخر والاعتزاز من تاريخ الإسلام والتشيع. فأئمّتنا الكرام عليهم الصلاة والسلام كانوا مغضبين للحكام المستبدين واذنابهم الظالمين بما يتميزون به من مواقف صلبة غير متخاذلة ازاء الظلم، ومن مواقف شجاعة في الدفاع عن الحق والعدالة، ولمّا كان الخلفاء الغاصبون يعلمون انّ أئمّة الشيعة ينتهزون كلّ فرصة لهداية الناس واحقاق الحق والدفاع عن المظلوم والوقوف في وجه الظلم والفساد فانهم كانوا يشعرون بالخطر الجسيم يهددهم من جانب هذه الجماعة التي كرّست كلّ جهودها للهداية والإرشاد والصمود.
والخلفاء العباسيون ـ الذين حلّوا محلّ الخلفاء الامويين الظلمة بالتّآمر والخداع وحكموا الناس باسم الخلافة الإسلامية ـ هم كأسلافهم الغاصبين لم يدّخروا جهداً لقمع أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وتلويث سمعتهم، وحاولوا بكل ما أوتوا من قوّة ان يشوهوا الصورة النقية لقادة المسلمين الحقيقيين ويسقطوهم عن منزلتهم الراقية، واستعملوا الدّسائس المختلفة لابعاد اولئك الكرام عن مقام قيادة الناس ومحو حبّ الأمّة لهم …
وحِيَل المأمون العباسي للوصول إلى هذا الهدف وخططه الجهنّميّة لاظهار حكومة بمظهر الشّرعيّة والقانونية واستلام منصب القيادة واخفاء شمس الإمامة، ليست مخفيّة على المطّلعين على تاريخ الأئمة (عليهم السلام) والخلفاء، وقد اشرنا إلى بعض جوانب هذا الموضوع خلال دراستنا لحياة الإمام الثامن والإمام التاسع (عليهم السلام).
فبعد المأمون استمر المعتصم العباسي في نفس تلك الخطط والمؤامرات التي كان ينفذها سلفه في أهل بيت النبوة والإمامة ومن هنا فقد استقدم الإمام الجواد (عليه السلام) من المدينة إلى بغداد وجعله تحت المراقبة الشديدة ثمّ بالتالي أدّى به إلى القتل، وسجن أيضاً بعض العلويين بذريعة انّهم لم يرتدوا الملابس السّوداء (  وهي الملابس الرّسميّة للعباسيين) حتى ماتوا في السدن ( أو قتلهم) ( مقاتل الطالبيين ص 589).
وقد مات المعتصم في سامراء عام (227) هجري ( المختصر في أخبار البشر ج1 ص34) فحلّ محلّه في الحكم إبنه الواثق، واقتفى اثر ابيه المعتصم وعمّه المأمون.
وكان الواثق مثل سائر الخلافاء المتظاهرين بالإسلام مرفّهاً وشرّاباً للخمر، وكان مفرطاً في هذه المجالات بحيث كان يلجأ لتناول بعض العقاقير الخاصّة لتوفّر له امكانيّة الاستمرار في لذّاته، وكانت هذه العقاقير هي التي أدّت به في نهاية الامر إلى الموت ( تتمة المنتهى ص 229 ـ 231) ، فمات في سامراء سنة (232) هجرية.
وسلوك الواثق مع العلويين لم يكن قاسياً ولهذا السبب تقاطر العلويون وآل أبي طالب على سامراء في زمانه واجتمعوا فيها وقد عاشوا في رفاه نسبي خلال تلك الفترة، ولكنهم تفرقوا خلال حكم المتوكل.  
   وبعد الواثق جاء اخوه المتوكل وأصبح خليفة، ويعتبر من اكثر الحكام العباسيين انحطاطاً وسقوطاً وأشدّهم جريمة، وقد عاصر الإمام الهادي (عليه السلام) المتوكل اكثر من سائر الخلفاء العباسيين، واستمرت فترة معاصرته له اكثر من اربعة عشر عاماً كانت هذه الفترة الطويلة من أصعب وأقسى السنين في حياة هذا الإمام الكريم واتباعه المخلصين، وذلك لانّ المتوكل كان من اكثر خلفاء بني العباس كفراً وكان رجلاً خبيثاً وساقطاً وكان قلبه مملوءاً بالحقد والعداوة لأمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) وأهل بيته الكرام وشيعته، وقد واجه العلويون في ظل حكومته القتل أودسّ السّم أوانّهم فرّوا وتواروا عن الأنظار ( مقاتل الطالبيين ص 597 ـ 632).
وكان المتوكل يحث الناس ـ بواسطة نقل احلام له ورؤى كاذبة ـ على اتّباع ( محمد بن ادريس الشافعي ) الذي كان ميتاً في زمانه ( تاريخ الخلفاء ص 351 ـ 352). وكان هدفه من هذا هو صرف الناس عن اتابع الائمة (عليهم السلام).
وفي سنة ( 236 ) هجرية أمر بهدم قبر سيدالشهداء الإمام الحسين (عليه السلام) وهدم ما حوله من الدّور وان يعمل مزارع، ومنع الناس من زيارته، وخُرّب وبقي صحراء ( تاريخ الخلفاء ص 347).
وكان خائفاً من ان يغدو قبر الإمام الحسين (عليه السلام) قاعدة ضدّه، ومن ان يصبح نضاله واستشهاده (عليه السلام) ملهماً لتحرك ونهوض شعبي في مقابل ظلم خلافته، الا ان الشيعة ومحبي سيدالشهداء لم يكفّوا اطلاقاً وتحت أي ظرف من الظروف عن زيارة تلك البقعة الطاهرة، حتى انه قد نقل ان المتوكل قد هدم ذلك القبر الشريف سبع عشرة مرّة، وهدّد الزائرين بمختلف التهديدات وجعل مخفرين للمراقبة في اطراف القبر، ومع كلّ هذه الجرائم فانّه لم يفلح في صرف الناس عن زيارة سيد الشهداء، فقد تحمل الزائرون مختلف اصناف التعذيب والايذاء واصلوا الزيارة ( مقاتل الطالبيين ص 597 ـ599 تتمة المنتهى ص240 فما بعد). وبعد قتل المتوكل عاد الشية بالتعاون مع العلويين لتعمير واعادة بناء قبر الإمام الحسين (عليه السلام) ( مقاتل الطالبيين ص 599).
وقد أغضب المسلمين هدمُ قبر الإمام الحسين (عليه السلام)، فراح أهل بغداد يكتبون الشعارات المضادّة للمتوكّل على الجدران وفي المساجد، ويهجونه بواسطة الشعر. وهذه الابيات من الشعر من جملة الهجاء الذي قيل في ذلك الطاغية المستبدّ :
( بـالله ان كانت أميّة قـد أتت ******قتل ابن بنت نبيّها مظلوما
فلـقد أتـاه بنـو أبيـه بمثلـه ******هذا لعمري قبره مهدوما
أسفوا على ان لا يكونوا شاركوا ******في قتله فتتبّعوه رميما )
( تاريخ الخلفاء ص 347).
أجل ان الناس الذين لا تمتّد أيديهم إلى وسائل أعلام عصرهم ويرون المنابر والمساجد والاجتماعات والخطب في أيدي عملاء السلطة العبّاسيّة يعبّرون عن غضبهم واعتراضهم بهذه الصّورة.
وقد استغلّ الشّعراء الملتزمون الذين يشعرون بالمسؤوليّة مالديهم من فنّ وقريحة فأنشدوا قصائد ضدّ المتوكّل ونبهوا الناس على جرائم بني العباس، وفي المقابل فانّ المتوكلّ لم يتورّع عن ارتكاب ايّ   جريمة في سبيل اسكات الأصوات المعترضة والمخالفة، وكان يقمع بعنف العلماء والشّعراء وسائر الفئات التي عجز عن تويعها واخضاعها للتّعاون معه والاستسلام له وكان يعرّضها للقتل بأفجع الصّور.
فمثلاّ يعقوب بن السّكّيت ـ وهو شاعر واديب شيعيّ مشهور بحيث يطلق عليه انّه الإمام في العربية ـ ندبه المتوكل إلى تعليم ولديه: ( المعتّز ) و ( المؤيّد )، فنظر المتوكّل يوماً إلى ولديه وقال لابن السّكّيت: من احبّ اليك هما أو الحسن والحسين؟ فقال ابن السّكّيت: قنبر " يعني مولى أمير المؤمنين علي (عليه السلام) " خير منهما!
فأمر الأتراك فداسوا بطنه حتى مات، وقيل أمر بسلّ لسانه فمات ( تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 348 ـ تتمة المختصر في اخبار البشر ج1 ص 342 ـ المختصر في اخبار البشر ج2 ص 41 ( وهناك اقوال أخرى مذكورة في كيفية استشهاده)).
وقد اطلق المتوكل يديه في نهب بيت مال المسلمين كسائر الخلفاء، وكان مسرفاً كما كتب المؤرخون في تاريخ حياته، حيث بنى القصور المتعدّدة والمتنوعّة، وأنفق على ( برج المتوكل ) " الذي لا يزال قائماً اليوم في سامراء " مليوناً وسبعائة الف دينار من الذّهب ! … . ( تاريخ اليعقوبي ص491 ).
ومن المؤلم حقّاً إنّه إلى جانب هذا الاسراف والتّبذير يعيش العلويون وأهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في ضيق وعسر بحيث أنَّ طائفة من النساء العلويّات في المدينة ما كن يملكن ملابس كاملة تتيسّر فيها اقامة الصلاة وإنّما كان لديهن ثوب رثّ بال يتعاقبن عليه اثناء اداء الصلاة ويعتمدن في امرار المعاش على الخياطة، واستمرت هذه الصّعوبة والضيق معهنّ حتى مات المتوكل ( تتمة المنتهى ص 238) وحقد المتوكل وعداؤه لأمير المؤمنين علي (عليه السلام) قد دفعه إلى سقوط ورذالة لا تصدّق، حيث كان المتوكل يأنس إلى النّواصب واعداء أهل البيت وقد اصدر أوامره لأحد المضحكين والمثرثرين ان يسخر ويستهزأ في مجلسه بأمير المؤمنين (عليه السلام) بصورة مخجلة، والمتوكل يتفرج على طريقة ادائه واطواره ويشرب الخمر ويقهقه قهقهة السّكارى! ( تتمة المختصر في أخبار البشر ج1 ص338).
وصدور مثل هذه الاعمال من المتوكل ليس بالأمر العجيب وإنّما الغريب والمؤلم هو وضع الذين ينصبون أمثال هذه الخنازير المنحطّة الوسخة حكاماً ويعدّونهم خلفاء للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن جملة اولي الامر للمسلمين، ويشيحون بوجوههم عن الإسلام الحقيقي وأهل بيت نبيّه الطاهرين ويتبعون أمثال هؤلاء الخلفاء! أسفاً على الانسان كيف ينحدر في الضلال إلى هذه المستويات.
أجل انّ جنون المتوكّل في الايذاء والجريمة قد بلغ الذّروة حتّى انّه في بعض الاحيان كان هو بنفسه يعترف بذلك!
يقول الفتح بن خاقان ( وهو وزيره) : 
"دخلت يوماً على المتوكل فرأيته مطرقاً متفكراً فقلت: يا أمير المؤمنين! ما هذا الفكر؟ فوالله ما على ظهر الارض أطيب منك عيشاً ولا أنعم منك بالاً. فقال: يا فتح أطيب عيشاً منّي رجل له دار واسعة وزوجة صالحة ومعيشة حاضرة لا يعرفنا فنؤذيه ولا يحتاج الينا فنزدريه … !!" ( تاريخ الخلفاء ص 353).
وقد بلغ ايذاء المتوكل وتعذيبه لأهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الحد الذي كان يعذب فيه الناس ويعاقبهم بذنب المحبّة والاتباع للأئمة الكرام، ولهذا فقد أصبح الأمر صعباً جدّاً على أهل بيت الطّهارة.
وعيّن المتوكّل عمر بن فرح الرخجي والياً على مكة والمدينة، وكان يكفّ الناس عن الاحسان إلى آل أبي طالب ويتشدّد كثيراً في هذا الامر فامتنع الناس خوفاً على أنفسهم عن بذل الرّعاية والحماية للعلويين وأمست الحياة صعبة جدّاً على أهل بيت أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) … . (تتمة المنتهى ص 238).

 دعوة الإمام إلى سامرّاء :

كان الخلفاء الظّالمون يشعرون بالخوف من نفوذ الأئمة (عليهم السلام) في المجتمع واهتمام وحبّ الناس لهم، ومن البديهيّ عندئذ ان لا يكفّوا ايديهم عن الأئمة الكرام وان لا يتركوهم لحالهم، وبالنسبة للمتوكل فإنّه علاوة على هذا الخوف المستبدّ بجميع المتقدّمين عليه كان يشعر بحقد مرير وعداوة مضاعفة لأهل بيت أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) ممّا كان يدفعه للمزيد من التشّدد والتضييق عليهم، ومن هنا فقد عقد العزم على نقل الإمام الهادي (عليه السلام) من المدينة إلى مكان قريب منه حتى يراقبه عن كتب.
وهكذا أبعد المتوكل الإمام في عام ( 234) هجريه من المدينة إلى سامراء بصورة محترمة، وأسكنه في بيت مجاور لمعسكره، وأقام الإمام في هذا البيت حتى آخر عمره الشريف، أي إلى سنة ( 254) هجريّة، وقد احتفظ بالإمام دائماً تحت مراقبته الشديدة، وسار على منهجه هذا الخلفاء الذين جاءوا من بعده، فكلّ واحد منهم كان يراقب الإمام بصورة شديدة حتّى استشهاده (عليه السلام) ( الفصول المهّمة لابن صباغ المالكي ص 283).

0 الإمام محمد بن عليّ الجواد (عليه السلام) ـ الجزء الثالث

 
الإمام محمد بن عليّ الجواد (عليه السلام) ـ الجزء الثالث

فقال المأمون: أحسنت يا أبا جعفر احسن الله إليك فان رأيت أن تسأل يحيى عن مسألة كما سألك فقال أبو جعفر (عليه السلام) ليحيى : (أسألك؟) ، قال : ذلك إليك جعلت فداك فان عرفت جواب ما تسألني وإلاّ استفدته منك.
فقال له أبو جعفر (عليه السلام): (أخبرني عن رجل نظر إلى امرأة في أول النهار فكان نظره إليها حراماً عليه، فلّما ارتفع النهار حلّت له، فلما زالت الشمس حرمت عليه، فلما كان وقت العصر حلت له، فلما غربت الشمس حرمت عليه ، فلما دخل وقت العشاء الآخرة حلّت له، فلما كان وقت انتصاف الليل حرمت عليه، فلما طلع الفجر حلت له، ما حال هذه المرأة وبماذا حلت له وحرمت عليه؟) ،فقال له يحيى بن اكثم: لا والله لا اهتدي إلى جواب هذا السؤال ولا اعرف الوجه فيه، فان رأيت أن تفيدناه.
 فقال أبو  جعفر(عليه السلام): (هذه أمة لرجل من الناس، نظر إليها أجنبي في أوّل النهار فكان نظره إليها حراماً عليه، فلما ارتفع النهار ابتاعها من مولاها فحلت له، فلما كان عند الظهر اعتقها فحرمت عليه، فلما كان وقت العصر تزوجها فحلت له، فلما كان وقت المغرب ظاهر منها (كان الظهار يعد طلاقاً قبل الإسلام وفي العصر الجاهلي ومؤدياً للحرمة الأبدية، وقد تغير حكمه في الإسلام وأصبح موجباً للحرمة والكفارة فحسب. والظهار هو أن يقول المرء لزوجته: أنت علي كظهر أمّي أو كظهر ابنتي. وعندئذ يتعين عليه أداء الكفارة حتى تحلّ له زوجته من جديد. ومن احبّ التفصيل فليرجع إلى الرسائل العلمية) فحرمت عليه، فلما كان وقت العشاء الآخرة كفر عن الظهار فحلت له، فلما كان نصف الليل طلقها واحدة، فحرمت عليه، فلما كان عند الفجر راجعها فحلت له) ، قال: فأقبل المأمون على من حضره من أهل بيته فقال لهم: هل فيكم من يجيب هذه المسألة بمثل هذا الجواب أو يعرف القول فيما تقدم من السؤال؟ قالوا: لا والله …، فقال : ويحكم إن أهل هذا البيت خصوا من الخلق بما ترون من الفضل، وانّ صغر السن فيهم لا يمنعهم من الكمال …( الإرشاد للمفيد ص299، تفسير القمي ص 169، الاحتجاج للطبري ص 245، البحار ج50 ص74ـ 78).
ولابّد من الانتباه إلى إنّ المأمون مع كل تظاهره بالحب وريائه الكاذب بالصداقة لم يكن له أيّ هدف من هذا التزويج سوى أهدافه السياسية، ويمكننا أن نحدد عدة أهداف معينة كان يقصدها:
1 ـ بإرساله ابنته إلى بيت الإمام (عليه السلام)  قد جعله دائماً تحت مراقبة شديدة وأصبح مطلعاً على نشاطاته ( والحقيقة إن ابنة المأمون قد قامت بمهمة التجسس ونقل الأخبار للمأمون كما يشهد التاريخ بذلك).
2 ـ كان يهدف من هذا الزواج أن يجر الإمام إلى بلاطه المرفه المنحط بحيث يتعلم منه اللهو واللعب والفسق والفجور، فتتحطم بذلك عظمة الإمام ويسقط في النظار الناس عن مقام العصمة والإمامة ويخف وزنه.
يقول محمد بن الريان:
احتال المأمون على أبي جعفر (عليه السلام)  بكل حيلة فلم يمكنه فيه شيء فلما أراد أن يبني عليه ابنته دفع إليّ مائة وصيفة من اجمل ما يكن إلى كل واحدة منهن جاماً فيه جوهر يستقبلون أبا جعفر (عليه السلام)  إذا قعد في موضع الإختان فلم يلتفت إليهن ، وكان رجل يقال له مخارق صاحب صوت وعود وضرب، طويل اللحية، فدعاه المأمون فقال: للمأمون إن كان في شيء من أمر الدنيا فأنا أكفيك أمره فقعد بين يدي أبي جعفر (عليه السلام)  فشهق مخارق شهقة اجتمع إليه أهل الدار، وجعل يضرب بعوده ويغني، فلما فعل ساعة وإذا أبو جعفر(عليه السلام) لا يلتفت إليه ولا يميناً ولا شمالاً، ثم رفع رأسه إليه وقال : (اتقّ الله يا ذا العثنون)، قال: فسقط المضراب من يده والعود، فلم ينتفع بيده إلى أن مات ( الكافي ج1 ص 494، البحارج50 ص61).
3 ـ كما أشرنا من قبل فالمأمون يهدف من هذا الزواج أن يكف العلويين من الثورة ضده والاعتراض عليه، ويظهر نفسه بمظهر المحب والصديق لهم.
 4 ـ ومن جملة أهدافه هو خداع العامة، فقد كان يصرح أحياناً: أنني أقدمت على هذا التزويج حتى يكون لأبي جعفر (عليه السلام)  من ابنتي طفل فأصبح جدّ طفل من نسل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي بن أبي طالب (عليه السلام) ،( تاريخ اليعقوبي ج2 ص 454).
ومن حسن الحظّ إن لعبة المأمون هذه لم تنجح، وذلك لان ابنته لم تلد أي مولود، وجميع أبناء الإمام الجواد (عليه السلام) ( الإمام العاشر علي الهادي (عليه السلام) وموسى المبرقع والحسين وعمران وفاطمة و خديجة وأم كلثوم وحكيمة) قد ولدوا من زوجة أخرى للإمام وهي أمة حسنة السيرة جليلة القدر تسمى ( سمانة المغربية ) ( منتهى الآمال ج2 ص 235).
وعلى كل حال فالمأمون الذي كان يصر كثيراً على هذا الزواج لم يكن يهدف منه إلى شيء سوى أهدافه السياسية، ومع إنّ هذا الزواج ملازم للحياة المرفهة الرغيدة لكنه لم تكن له قيمة عند الإمام الجواد (عليه السلام)  لأنه مثل آبائه الكرام لم يكن مهتماً بالدنيا ولا يجذبه زرقها وبرقها، بل الحياة مع المأمون أساساً كانت مفروضة عليه وتحمل له الآلام والغصص.
يقول الحسين المكاري:
 دخلت على أبي جعفر ببغداد وهو على ما كان من أمره، فقلت في نفسي: هذا الرجل لا يرجع إلى موطنه أبداً وما عرف مطعمه؟ قال: فأطرق رأسه ثم رفعه وقد اصفر لونه فقال: يا حسين خبز شعير وملح جريش في حرم رسول الله احب إليّ مما تراني فيها،( خرائج الراوندي ص 208 ، البحارج50 ص 48).
ولهذا السبب لم يبق الإمام في بغداد وإنما عاد مع زوجته ( أم الفضل) إلى المدينة، واستمر على وضعه في المدينة حتى عام (‌‌220)هجري.
ومات المأمون في عام (218) هجري وحلّ محلّه في الحكم أخوه (المعتصم)، وفي عام (220) هجري جاء المعتصم بالإمام إلى بغداد ليكون مراقباً له عن كثب، وكما ذكرنا من قبل فانه أشركه في المجلس الذي شكل لتعيين مقدار القطع من يد السارق، وانتهى بفضيحة لقاضي بغداد ـ ابن أبي دواد ـ وللآخرين.
وبعد هذه القضية بعدة أيام جاء ( ابن أبي دواد ) للمعتصم وهو ممتلئ حسداً وغيظاً وقال:
إنّي لأحبّ الخير لك وأنصحك بانّ ما حدث قبل أيّام لم يكن في صالح حكومتك، لأنّك في حضور جميع العلماء وأصحاب المناصب العالية في الدولة رجحت فتوى أبي جعفر ( الإمام الجواد ) وهو الذي يعتقد نصف المسلمين بأنّه الخليفة وانّك غاصب لحقه على فتاوى الآخرين، وقد شاع هذا الخبر بين الناس وغدا برهاناً للشيعة.
وهيّج كلام ابن أبي دواد وهذا المعتصم الذي كان مستعداً في ذاته لأيّ لون من ألوان العداء للإمام (عليه السلام)  فوقع في نفسه أن ينشط لقتل الإمام، و أخيراً فقد نفذ رغبته المنحطة ودسّ السّمّ للإمام (عليه السلام)  في آخر شهر ذي القعدة عام (220) هجري واستشهد الإمام نتيجة لذلك.
ودفن الجثمان الطاهر للإمام الجواد إلى جانب قبر جده الكريم الإمام موسى بن جعفر في قريش في بغداد( ليرجع من شاء إلى كتاب الإرشاد للمفيد ص 307، وأعلام الورى ص 338، والبحار ج50 ص 6) صلى الله عليه وعلى آبائه الطاهرين.
ومزار هذين الإمامين الجليلين مشهور حالياً بـ ( الكاظمين ) ويحج إليه المسلمون من أرجاء العالم الإسلامي من قديم الأزمان.
 
نماذج من الكلمات الثّريّة للإمام (عليه السلام):

1 ـ ( من استغنى بالله افتقر الناس إليه، ومن اتقى الله أحبه الناس) (نور الأبصار ص180).
2 ـ ( الكمال في العقل) (الفصول المهمة 290).
3 ـ ( حسب المرء من كمال المروة أن لا يلقى أحداً بما يكره ) (نور الأبصار ص 180).
4 ـ ( لا تعالجوا الأمر قبل بلوغه فتندموا ولا يطولن عليكم الأمل فتقسوا قلوبكم وارحموا ضعفاء كم واطلبوا من الله الرحمة بالرحمة فيهم) (الفصول المهمة ص 292).
5 ـ ( من استحسن قبيحاً كان شريكاً فيه) (نور الأبصار ص 180).
6 ـ ( العامل بالظلم والمعين عليه والراضي شركاء) (الفصول المهمة ص 291).
7 ـ ( من وعظ أخاه سرّاً فقد زانه، ومن وعظه علانية فقد شانه) (نور الأبصار ص 180).
8 ـ ( القصد إلى الله بالقلوب ابلغ من إثبات الجوارح بالأعمال) (الفصول المهمة ص 289).
9 ـ ( يوم العدل على الظالم أشد من يوم الجور على المظلوم) (الفصول المهمة ص 291).
10 ـ ( عنوان صحيفة المسلم حسن خلقه ) (نور الأبصار ص 180).
11 ـ ( ثلاث يبلغن بالعبد رضوان الله تعالى: كثرة الاستغفار ولين الجانب وكثرة الصدقة، وثلاث من كنّ فيه لم يندم: ترك العجلة والمشورة والتوكل على الله عند العزم ) (الفصول المهمة ص 291).
12 ـ ( من أمل فاجراً كان أدنى عقوبته الحرمان) (نور الأبصار ص 181).
13 ـ ( من انقطع إلى غير الله وكله الله إليه ومن عمل على غير علم أفسد اكثر مما يصلح) (الفصول المهمة ص 289).
14 ـ ( أهل المعروف إلى اصطناعه احوج من أهل الحاجة إليه لانّ لهم أجرهم وفخره وذكره فمهما اصطنع الرجل من معروف فانما يبتدء فيه بنفسه) (نور الأبصار ص 180).
15 ـ ( العفاف زينة الفقر، والشكر زينة الغنى، والصبر زينة البلاء، والتواضع زينة الحسب، والفصاحة زينة الكلام، والحفظ زينة الرواية، وخفض الجناح زينة العلم، وحسن الأدب زينة العقل وبسط الوجه زينة الكرم، وترك المنّ زينة المعروف، والخشوع زينة الصلاة، وترك ما لا يعني زينة الورع) (الفصول المهمة ص 291).
  16 ـ ( من وثق بالله وتوكل على الله نجّاه الله من كل سوء وحرزه من كل عدو) (نور الأبصار ص 181).
17 ـ ( الدين عزّ، والعلم كنز، والصمت نور، ولا هدم للدين مثل البدع ولا أفسد للرجال من الطمع، وبالراعي تصلح الرعية وبالدعاء تصرف البلية) (الفصول المهمة ص 290).
 18 ـ ( الصبر على المصيبة مصيبة للشامت) (نور الأبصار ص 180).
19 ـ ( كيف يضيع من الله كافله، وكيف ينجو من الله طالبه) (الفصول المهمة ص 289).
20 ـ قال (عليه السلام) في جواب رجل قال له أوصني بوصية جامعة مختصرة:
(صُن نفسك عن عار العاجلة ونار الآجلة) إحقاق الحق ج12 ص 439 ، نقلاً من وسيلة المآل. وجميع هذه الروايات المنقولة في هذا الفصل عن كتاب ( الفصول المهمة ) وكتاب ( نور الأبصار) موجودة في كتاب إحقاق الحق ج13 ص 428ـ 439 نقلاً من هذين الكتابين.
 

 فسلام عليه يوم وُلِد ويوم استُشهِد مسموماً ويومَ يُبعَثُ حياً

من من حكم الأمام أمير المؤمنين..~~
 
من طيب قول الحبيب ..~

You can also receive Free Email Updates:

شاركنا خبرتك ...رايك يهمنا قم بالضغط على share بجانب كل موضوع لأثراء المدونة